إذا كان هناك من رجل ساهم بشكل كبير في نجاح رحلة شارل دوفوكو في المغرب بين سنتي 1883 و1884، فهو بالتأكيد الراهب اليهودي مردوخ أبو سرور. رغم ذلك، لم يلق أبو سرور حقه من التقدير. فبالكاد ذكره دوفوكو في كتابه «التعرف على المغرب 1883-1884»، ودون أن يقدم إليه كلمة شكر واحدة في مقدمة الكتاب، كما فعل مع آخرين. بل، تحدث عنه بأوصاف قدحية في مراسلاته الخاصة.
لم يكن مردوخ أبو سرور مجرد دليل يهودي بسيط من جنوب المغرب، قادته الظروف ليقود رحلة دوفوكو، بل عالما ومستكشفا. ولا أدل على ذلك أن محافظ مكتبة الجزائر أوسكار ماكارتي هو من أوصى دوفوكو باللجوء إليه، كما أنه كان مراسلا للجمعية الجغرافية في باريس التي فاز دوفوكو بجائزتها عن رحلته في المغرب. مارس أبو سرور، المولود في آقا سنة 1826، الترحال كثيرا فانتقل أولا إلى فلسطين حيث تلقى دراسات دينية، ثم سوريا فالجزائر، بل وصل إلى تومبكتو في بلاد السودان التي استقر فيها لفترة وجلب إليها جالية يهودية صغيرة. وقد نُشرت قصته في مجلة الجمعية الجغرافية في باريس تحت عنوان «أول استقرار لليهود في تومبكتو». بعد عودته إلى مسقط رأسه آقا، رحل مجددا إلى باريس ليتلقى تكوينا علميا، وهناك التقى بشخصيات علمية مرموقة. ويعود إليه الفضل في فتح أعين العلماء الغربيين على وجود قبيلة يهودية رحالة، اسمها داغاتوم، تعيش مع الطوارق في واحة توات أقصى جنوب الجزائر. توفي مردوخ أبو سرور سنة 1886، أي بعد أقل من سنتين من رحلته مع شارل دوفوكو.