يخلد المغرب، الأربعاء 6 نونبر 2019، الذكرى الرابعة والأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء التي طبعت ذاكرة من عاشوها.
وكان الملك الراحل الحسن الثاني، يوم 15 أكتوبر من عام 1975، عن تنظيم المسيرة بشكل فاجأ الجميع، وإن كان الباحثون في القضية الصحراوية يجمعون على أن قرار الإعلان كان مدروسا بعناية، عشية إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي قرارها الذي أكد أن الصحراء لم تكن أرضا خلاء، كما أكد وجود روابط قانونية وروابط بيعة بين العرش وأهل الصحراء.
كيف جاءت هذه الفكرة التي احتشد فيها 350 ألف مغربي، ضمنهم 30 ألف امرأة، من مختلف جهات المغرب؟ ولماذا لم يخبر الملك، في البداية، الحكومة؟ وماذا كانت رهاناته؟
“في 20 غشت كان علي أن ألقي خطابا بمناسبة ذكرى الملك والشعب، وهي الذكرى التي تخلد تاريخ نفي الأسرة الملكية. وعشية ذلك اليوم، كنت أتساءل مع نفسي: “ترى ماذا عساي أن أقول في هذا الخطاب؟ وفي المساء وبعد أن أديت صالة العشاء، أخلدت إلى النوم، فاستيقظت فجأة في منتصف الليل، تراودني فكرة نفذت نفوذ السهم إلى ذهني وهي: “لقد رأيت آلاف الأشخاص يتظاهرون في جميع المدن الكبرى مطالبين باستعادة الصحراء، فلماذا إذن ال ننظم تجمهرا سلميا ضخما يأخذ شكل مسيرة؟ وهنا أحسست أني قد تحررت من عبء ثقيل للغاية”، يذكر الحسن الثاني في كتاب “ذاكرة ملك”.
ويضيف الملك، في الكتاب ذاته، أنه حرص على إبقاء الأمر سرا، إلى حين أن قرر أن يستدعي أولئك الذين سيصبحون إلى جانبه المسؤولين الثلاثة عن المسيرة وهم: الجنرال أشهبار والجنرال بناني والكولونيل ماجور الزياتي، “وبعد أدائهم اليمين بعدم إفشاء السر حتى ولو لم يكونوا متفقين على ذلك، شرحت لهم أن عدد المشاركين في المسيرة سيصل إلى ثلاثمائة وخمسين ألف نسمة… وهكذا عملنا- نحن الأربعة- في سرية تامة حتى مطلع شهر أكتوبر”.
وحين سئل عن سبب تأخره في إخبار الحكومة، رد قائلا: “لأن كتمان السر كان أسهل بين أربعة أشخاص، أكثر منه بين ثلاثين. فما بالكم إذا أفشي السر لأزيد من أربعين عامل إقليم، سيما وأن تسرب هذا السر كان سيكون مميتا وستكون له انعكاسات وخيمة على الصعيد الدولي”.
وردا عن سؤال تعلق بأي شيء كان يراهن عليه وهو يعلن عن المسيرة، كان هذا جوابه: “كان الأمر يتعلق برهان سيكولوجي يتوقف عليه كل شيء، حيث كنت أعرف أن فرانكو وحاشيته عسكريون، فإذا تصرفوا كعسكريين حقيقيين فما كنت أخالهم يطلقون النار على ثلاثمائة وخمسين ألف مدني عزل”.
في الأكشاك
