ألحقت الحروب والفتن بفلاحي مغرب العصر الوسيط أضرارا فادحة، إذ كان عليهم مواجهة ثلاثة أطراف: السلطة والرحل والغزاة، الذين جعلوا البلاد كقطعة ثوب يتجاذبونها فيما بينهم.
شكلت الحرب في مغرب العصر الوسيط «ظاهرة بينيوية، حدد بنيويتها حاجة الدولة إليها للوصول إلى الملك وخيراته، وأداة للحفاظ عليه واستمراره، وأطر استمرارها طبيعة الدولة التي انبثقت أصلا من بنية قبلية تعتمد الحرب (…) وسيلة للحفاظ على الذات واستقلالها .مما كرس حضورها، ورسخ مؤسساتها». وقد عرف مغرب أواخر العصر الوسيط (القرنان 9-8هـ/15-14م) مجموعة من الاضطرابات السياسية، كان من تجلياتها حروب لا تنتهي إلا لتتصاعد من جديد. ويهمنا معرفة الآثار التي خلفتها الحروب على الفلاحة في المغرب خلال الحقبة المشار إليها. يمكن تقسيم حلقات الاضطرابات السياسية في مغرب أواخر العصر الوسيط، إلى أربع مراحل أساسية، بدأت الأولى مع وصول المرينيين إلى المغرب واستيلائهم على السلطة، واستمرت حتى حكم أبي سعيد الأول
(731-710هـ/1331-1310م). وشملت الثانية، التي يمكن اعتبارها مرحلة انتقالية، عهد السلاطين أبي سعيد وأبي الحسن (752-731هـ/1351-1331م) وأبي عنان (759-749هـ/1358-1348م). وبدأت المرحلة الثالثة مع وفاة هذا الأخير، واستمرت حتى نهاية القرن 8هـ/14م. أما المرحلة الرابعة والأخيرة، فتغطي القرن 9هـ/15م، وتميزت بخاصيتين أساسيتين: أولاهما الانكماش الكبير للسلطة في فاس مع ما رافقه من ظهور لبعض النزاعات المحلية، وتدهور متزايد للأمن، وثانيهما بداية الغزو الإيبيري للسواحل المغربية والمناطق المجاورة لها.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 117 من مجلتكم «زمان»