ما هو التطور الذي عرفته الأغنية المغربية والموسيقى عموما؟ وما هي الأصول والامتدادات، وكذلك الاختلافات بين الأنماط الغنائية في المغرب؟ يجيبنا في هذا الحوار، الباحث المتخصص في تاريخ الموسيقى، أحمد عيدون، عن أسئلة تتعلق بأدوار الموسيقى في حياة الشعوب والتمازج الذي عرفته الأغنية المغربية، منها الأمازيغية واليهودية والشعبية. كما يحدثنا عن الجدل المتكرر حول بعض الأنماط الموسيقية المشتركة بين المغرب والجزائر، وكذلك عن ماهية الأغنية الشبابية الجديدة.
إذا رجعنا إلى تاريخ الموسيقى، وباعتبارك أحد أهم الباحثين المتخصصين في المجال، هل تعتقد أن الموسيقى والأغاني بالتحديد كانت مرتبطة فقط بطقوس ومناسبات معينة؟ أم أن أهمية الأغاني كانت لصيقة بحياة الشعوب بشكل يومي؟
للنظر في مسألة العلاقة بين الموسيقى والإنسان نعود إلى وظيفة الموسيقى وأصنافها .فقد اعتبر الفارابي أن للألحان أصنافا ثلاثة: الأول صنف يحقق اللذة والراحة لا غير ذلك، والثاني صنف يفيد النفس ويساعد على التخيلات والتصورات، أما الأخير فهو صنف يزيد الانفعالات أو ينقص منها. ويمكن أن نقارن بين هذه الأصناف وبين ما قدمه أرسطو في هذا الصدد الذي اعتبر أن للموسيقى وظائف ثلاث: وظيفة للهو والترفيه، وظيفة تربوية، ثم وظيفة للتنفيس والعلاج الكاتارسيس .”Catharsis” هذه الوظيفة الأخيرة هي التي أسست، في الأدبيات القديمة، لنظرية الطبائع والطبوع التي امتد تأثيرها في الموسيقى إلى غاية الغرب الإسلامي من أندلس ومغارب، والتي أثبتها عبد الواحد الونشريسي (القرن السادس عشر الميلادي) في منظومته الشعرية التي يستهلها بـ«طبائع ما في عالم الكون أربع …ففي مثلها أضرب للطبوع مجملا».
في نظرك، ما هي اللحظة والفترة التاريخية التي تعتبر فيها أن الأغاني المغربية أضحت تتميز بنمط موسيقي متنوع، هل مثلا مع فترة طرد الموريسكيين؟ أم مع قدوم العثمانيين إلى شمال إفريقيا؟ أم مع ظهور الأغنية المصرية…؟
إذا أردنا التدقيق في المفاهيم، فليس كل غناء هو أغنية. الأغنية هي نموذج حديث في التأليف الموسيقي عند العرب عامة وعند المغاربة كذلك. وهذا النمط هو وليد القرن العشرين تحت تأثير الحركة الفنية التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر في مصر، وتختلف عن كل الأنماط القديمة من موشحات وأدوار وقدود وصنعات أندلسية وأهازيج .لكننا حاليا بدأنا نخلط المفاهيم، ونسمي أغنية كل إنتاج فيه شعر رصين أو شعبي بصوت بشري.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 119/118 من مجلتكم «زمان»