نظرا لطوله وللكم الهائل من الأحداث والتحولات والمنعرجات التي عرفها، يبقى حكم الراحل الحسن الثاني حافلا بالألغاز، وبالمحطات التي وجب علينا اليوم تسليط الأضواء عليها، سواء كانت فترات حرجة أو مراحل اتسمت بالانفتاح. والسؤال الرئيسي يبقى هو : كيف كان الملك الراحل يسير بلده؟ بمعنى كيف وما هي الآليات التي مكنته من صنع القرار؟ من هم الرجال، مستشارين أو مقربين، رسميين وغير رسميين، من داخل الحقل السياسي ومن خارجه، الذين ساعدوه على ذلك؟
”زمان” تحكي وتحلل وتجسد، انطلاقا من زمن الحماية، لما سعى السلطان محمد بن يوسف جاهدا لتأسيس ديوان ملكي بمعنى الكلمة. ملف العدد يرصد كيف تحولت الدائرة التي كانت تطوف حول ولي العهد، ثم الملك، إلى شبه حكومة غير رسمية. وكيف وظف الراحل رجالاته من داخل القصر الملكي ومن خارجه، كل حسب اختصاصه ونوعية العلاقة التي كانت تربطه به، حتى نجح في قيادة سفينة اسمها المغرب من الستينات، بل منذ أواخر الخمسينات، إلى نهاية الألفية الماضية.
اختصاصيون وباحثون ومحللون يشخصون، في ”زمان” بتفصيل، الطريقة والأسلوب اللذين مارسا بهما الحسن الثاني الحكم. وتعطي دلالات وأدوات لفهم ما وقع، قبل وبعد ملك ترك بصمة عميقة على جميع مكونات البلاد. قراءة ممتعة…
السياسة طقوس. بغض النظر عن نوعية النظام أو الحكم، واختلاف الظروف والأحداث، هناك منظومة معينة تحدد طريقة العمل، ولا يمكن استبدالها. الأمر ينطبق تماما على الراحل الحسن الثاني .حتى في غياب الشفافية والديمقراطية، وحتى في أكثر المراحل التاريخية اسودادا، لم يخل حكمه “الحديدي“ من ذلك الإيقاع الذي وضعه وضبطه من البداية إلى النهاية .فالرجال يمرون ويتم استبدالهم، ولكن المنظومة لا تتغير، تبقى مستقرة على حالها، محافظة على ثوابتها وتوازناتها. متعاونون، مقربون، مستشارون: الكل يشتغل مع “سيدنا“ أو بالأحرى يخدمه، الكل يسهم، الكل يؤثر، بطريقة أو بأخرى، في بلورة الفكرة وتعبيد الطريق التي تؤدي لصنع القرار .ويبقى للقائد واسع النظر، وقد يفاجئ حتى أقرب المقربين في نوعية القرار المتّخذ. فإن كان أعضاء “الكوكب“ كثيرين، يبقى الحسم للملك وحده، لا شريك له.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 91 من مجلتكم «زمان»