أولماس، مركز متفرد شهد تقلبات كبيرة مع وصول المعمرين الفرنسيين إليه، تعددت انتماءاته الإدارية، لكنه ظل متشبثا بجذوره القبلية، إلا أن اكتشاف المياه المعدنية بين فجاج جباله غَيَّر الكثير من ملامحه، وأثر بشكل كبير في حياة سكانه.
استقر بمنطقة أولماس جماعات بشرية ذات أصول أمازيغية من أيت أومالو، التي كانت مضاربها بحوض أم الربيع، وقد اشتهر هؤلاء بشجاعتهم وتحررهم من أية سلطة تُفرض عليهم، وخاصة من المخزن، وقد أدت الاضطرابات السياسية المتلاحقة التي عرفتها المنطقة قبل الاستعمار إلى نزوح قبيلة أيت عمرو إلى الهضبة الوسطى، فوجدوها مناسبة لاستقرارهم وموافقة لنمط عيشهم، فتهيأت لهم الظروف للمحافظة على مقومات نظامهم القبلي، حسب ما تمليه الأعراف والتقاليد التي ورثوها عن أجدادهم. ترتب عن وصول الفرنسيين إلى منطقة أولماس سنة ،1915 والعثور على معدن الزنك سنة ،1917 واكتشاف عين لالة حيا سنة ،1924 تغير وتبدل في الكثير من الأمور بالمنطقة. فكان لذلك تأثير عميق على الأهالي، وعلى أنماط معاشهم، كما تمكن الأجانب من الاندماج داخل ذلك الوسط القبلي، فقاموا بإنشاء مركز أولماس، ليكون بمثابة مركز مراقبة وتحكم في ذلك المجال. ظهرت أولماس كمجمع حضري حول مكتب الشؤون الأهلية بالمنطقة زمن الحماية الفرنسية، حيث حل مكان المركز العسكري القديم الذي لم يعد لوجوده جدوى. تبدو البلدة من بعيد على حافة إحدى الهضاب التي يجلل قمتها الكوارتزيت، بموضع طبيعي خلاب، يحتمي بمرتفعات الهضاب الوسطى التي تعتبر منطقة اتصال بين المنخفض البنيوي، الممتد على أراضي الخميسات والرماني وجبال الأطلس المتوسط، تنتصب أعلى قمة بالإقليم بجبل توكر أولماس على ارتفاع حوالي 1250 مترا، حيث تنتصب في الجهة الشرقية من ذلك المركز، تتخللها غابات كثيفة مشكلة من غطاء نباتي متنوع، يحدها من الجهة الشمالية جماعة بوقشمير، المنتمية لإقليم الخميسات، ومن الجهة الجنوبية إقليم خنيفرة، ومن الجهة الشرقية عمالة مكناس، ومن الجهة الغربية جماعة تيداس بتراب إقليم الخميسات.
عبد المالك ناصري
تتمة المقال تجدونها في العدد 139 من مجلتكم «زمان»