بدأ المؤرخ محمد ابن عزوز حكيم، الذي وافته المنية مؤخرا، الكتابة وهو شاب يافع حيث نشر أول كتاب له سنة 1942 بعنوان «رحلة عبر الأندلس» باللغة الاسبانية، ثم تواصلت أبحاثه وكتبه.
كانت رحلة ابن عزوز حكيم مباركة في الزمن لم تقف عند حدود الأندلس فحسب، بل تعدتها إلى تاريخ المغرب بأكمله، شماله وجنوبه وقديمه وحديثه. رحلة في زمن ناهز السبعين عاما من البحث والتوثيق والتأليف والنشر، فكأنه التاريخ بذاته أو بالأحرى موسوعة تاريخية غزيرة المادة والفائدة ناهزت الثلاثمائة ونيف مؤلف، وتشهد من بين ما تشهد عليه الاعتراف بجهوده مع ما كلفه البحث والتقصي والتوثيق من تضحيات جسام على حساب طاقاته العقلية والجسدية والمادية. وقد برز المؤرخ ابن عزوز حكيم بثباته في البحث واستمراريته وكرس جهوده لإغناء الموروث الوثائقي، وذلك منذ حصوله على منحة عام 1948 للبحث لإنجاز أطروحة حول «العلاقات المغربية الاسبانية عبر التاريخ»، فوجدها فرصة سانحة لجمع كم هائل من الوثائق والمستندات المتوفرة في كل من إسبانيا وفرنسا والبرتغال وبلجيكا وهولندا وإيطاليا وإنكلترا والفاتيكان بالرغم من أن التصوير الفوتوغرافي للمادة آنذاك كان مكلفا جدا. وأثارت اهتمامه غزارة المادة الوثائقية المغربية التي عثر عليها في الأرشيف التاريخي الوطني بمدريد وبأرشيف قلعة هيناريس والمكتبة الوطنية بمدريد وغيرها. ثم انتقل بعد ذلك إلى وزارة الخارجية الفرنسية بباريس حيث حصل على وثائق سرية يستحيل افتحاصها حاليا، حسب قوله.
عبد العزيز السعود
التتمة في العدد 12 من زمان