في سنة ،1930 ظهرت أولى بوادر العمل السياسي والحزبي بالمغرب، وذلك بفضل الاحتجاجات الحضرية المنددة بظهير 16ماي الذي أصدرته الإقامة الفرنسية. كما أن تلك الاحتجاجات، شكلت اللبنة الأولى لميلاد ”الحركة الوطنية”.
بعد مائة عام من احتلال الجزائر، وبعد أربع سنوات من انتهاء الحرب الريفية شمال المغرب، نهجت الإقامة العامة الفرنسية سنة 1930 سياسة التفريق بين مكونات الشعب المغربي؛ إذ أصدرت يوم 16 ماي، ظهيرا أطلق عليه في الكتابات الأجنبية “الظهير البربري“، والذي جاء نتيجة لعدد من السياسات التي تتعلق بالشأن الأمازيغي بالمغرب. أقر هذا الظهير قانونا يفرض على المغاربة الأمازيغ الاحتكام إلى “محاكم عرفية“ في ما يتعلق بالدعاوى المدنية والتجارية والعقارية. وبذلك انقسم المغاربة إلى عرقين: أمازيغ وعرب، نظرا للرؤية الاستعمارية القائمة على تقسيم البلاد إلى بلاد المخزن وبلاد السيبة. وقد فضح هذا الظهير، بعد 18 عاما من فرض نظام الحماية، نوايا الإدارة الفرنسية، وجعلها أمام أول امتحان حقيقي للفعل الاحتجاجي الوطني. منذ توقيع معاهدة فاس سنة ،1912 حاولت الإقامة العامة فرضت سيطرتها والتوغل بين فئات المجتمع المغربي، عبر التفريق ما بين العرب والأمازيغ في ما عرفت بـ“السياسة البربرية“، من خلال العديد من الأساليب والقوانين والظهائر، لا سيما بعد الذي لقوه من مناعة وصمود من طرف الأمازيغ، حسب ما يذكره الضابط الفرنسي جورج سبيلمان، في مذكراته. بدأت أطوار تلك السياسة، كما يذكر سبيلمان، عندما تعمدت فرنسا إخضاع الأمازيغ لسيطرتها على المستوى الميداني، وذلك في إطار سياستها “للتهدئة“. ويورد أن الجنرال ليوطي قرر اجتياح جبال الأطلس في سنة 1913، لذا انطلقت مجموعة مكناس العسكرية «من الحاجب لتحل بهضبة دار القايد إيطو المواجهة لوادي أزرو، وبقي السيد لوكلي، من المخابرات، تحت أوامر الجنيرال هانريس قائد الجيش المرابط بدائرة بني مطير. وبناء على المعلومات التي حصل عليها لوكلي، قرر ليوطي القدوم يوم 8 يوليوز 1913 إلى دار القائد إيطو حيث قضى ليلة كاملة في المحادثات مع بعض قادة قبيلة بني مگیلد. يقول سبيلمان بأن قادة القبيلة قبلوا التعاون شريطة «الالتزام بالأعراف الأمازيغية التقليدية»، فقبل ليوطي وتعهد «بانتزاع الموافقة من السلطان. وبدون تلك الموافقة، سيبقى التزام المقيم العام دون مفعول».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»