تعبر الأمثال الشعبية، في كل الثقافات، عن طاقة خلاقة نابضة وسط المجتمع، وإن رأى فيها البعض، كما عدد من الوطنيين المغاربة، نوعا من الدونية التاريخية.
لم يظهر الاهتمام بالثقافة الشعبية، ومنها الأمثال، إلا بعد الاحتكاك بالآخر، أي مع فترة الاستعمار. لكن هذا الجهد كان موسوما بنظرة تبخيسية من لدن الحركة الوطنية. ولم يمنع ذلك بعض السياسيين أن يرصعوا بها خطبهم، للتعبير الدقيق الذي لا تستطيعه اللغة العالمة، أو للتقرب من المستمع، كما في القول المأثور للمرحوم الملك الحسن الثاني: «اللي بغى سيدي بوغالب كيبغيه بقلالشو»، أو «كبّرها تصغار»، ولم يكن يشذ عن ترصيع الخطب والأقوال بالأمثال الشعبية، وكذلك كان يفعل بعض من السياسيين كالمحجوبي أحرضان أو امحمد بوستة ممن كانا يوظفان الثقافة الشعبية في التخاطب.
أركيولوجية الأمثال المغربية
لا نجد فيما توافر لنا من مصادر، سابقةً على ما جمعه العلاّمة الحسن اليوسي في كتابه “زهر الآكام“ من أمثال العوام، إلا أن منحى العلاّمة كان هو تعريب تلك الأمثال ونقلها في صيغ معربة. ويعتبر ما أقدم عليه البحّاثة المرحوم محمد بن شريفة من تحقيق “أمثال العوام بالأندلس“ لعبيد لله الزجالي (ت. 694هـ/ 1295م)، عملا غير مسبوق، ولم يكن لمن لم يتشرب الثقافة الأندلسية، مما يزال أريجها يعبق في كثير من حواضر المغرب، ومنها أسفي مسقط رأس محمد بن شريفة، أن يتصدى لهذا العمل الفريد الذي فتح به بابا كان من قبلُ مواربا، بل موصدا.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 89 من مجلتكم «زمان»