ما هو تاريخ عقوبة الإعدام في مغرب ما قبل الاحتلال؟ وكيف أدمجت العقوبة ضمن القوانين الحديثة بعد الاستقلال؟ وما هي أبرز أحكام الإعدام التي عرفها المغرب الحديث؟ وكيف توقف تنفيذ الحكم بالمغرب منذ عقد التسعينات من القرن الماضي؟
في خطوة تاريخية، أعلن وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي عن عزم المغرب التصويت لصالح قرار الإيقاف العالمي لتنفيذ عقوبة الإعدام أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة، بعدما كانت الدولة المغربية تختار الامتناع عن التصويت منذ عرض القرار لأول مرة على أجندة الجهة الأممية سنة .2007وذلك ما حصل بالفعل، حيث صوت المغرب على القرار يوم الثلاثاء 17 دجنبر ،2024 وهو ما ترك ارتياحا لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان والجمعيات الحقوقية، التي اعتبرت هذه المبادرة خطوة أولى نحو إلغاء عقوبة الإعدام. وفي مقابل ذلك، ما زال الرأي العام منقسما بين مؤيدين لبقاء عقوبة الإعدام، بسبب استناده إلى قوانين الفقه الإسلامي، وشناعة بعض الجرائم المرتكبة منها اغتصاب الأطفال، ومعارضين لهذه العقوبة وداعين لإلغائها، انسجاما مع ما نص عليه الدستور من الحق في الحياة، وما وقع المغرب عليه من اتفاقيات ومعاهدات دولية. كانت القبائل الأمازيغية بالمغرب تحتكم قبل الإسلام إلى الأعراف المحلية، والتي كانت تمثل الأساس في تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتشريع القوانين اللازمة لتدبير المجتمع، وكانت هذه القوانين غير موحدة، تختلف من منطقة لأخرى، وإن كان الغالب على جلها تفادي عقوبة القتل والإعدام مهما كان حجم الجريمة وشناعتها. ففي قانون “إزرف“، الذي كان نظاما شفهيا غير مكتوب، يشرف عليه وجهاء القبيلة وحكماؤها المعروفون بـ“إمغارن“، ويهدفون به إلى تحقيق العدالة وضمان انسجام المجتمع. كان الحرص شديدا على إصلاح ذات البين، وتجنب الثأر والانتقام والفتنة بين القبائل، وكان التركيز منصبا على آليات التعويض بدلا من القصاص، ولهذا نجد أن العقوبة المقررة غالبا للقتل هي الدية، وتدفع من عائلة القاتل إلى عائلة المقتول، ويختلف مقدارها حسب المناطق وحسب ما إذا كان القتل عمدا أو خطأ .ففي حالة القتل العمد، يترك الخيار لأولياء الدم بين الثأر أو قبول الدية، مع ترغيب الأولياء في قبول الدية أو طرد القاتل من القبيلة ونفيه، ولا يلتجأ للإعدام إلا نادرا .أما في حالة القتل غير العمد، فيلزم القاتل بدفع دية مخففة، وقد يقدم بعض التعويضات الإضافية كالإلزام بالعمل، أو تسليم بعض ممتلكاته الشخصية.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»