كان المغاربة، مسلمين ويهودا، من الأوائل الذين دخلوا السوق السودانية، وكانوا في أغلبهم تجارا كبارا ورجال سلطة وفقهاء، وأيضا نساء.
لم يعد يجادل كثير من الباحثين في الدور المهم الذي اضطلعت به التجارة الصحراوية في رسم معالم تاريخ المغرب خلال العصر الوسيط، ولا يهم في هذا المقام الخوض في هذه التجارة وطرقها والسلع التي لقيت رواجا فيها…، بقدر ما يهم إلقاء الضوء على الفاعلين فيها خاصة التجار المغاربة.
صنف التجار المغاربة المتاجرون في بلاد السودان ضمن تجار الجملة، لضخامة السلع التي كانوا ينقلونها ذهابا وإيابا، ولأهمية الأموال التي وظفوها في تجارتهم. وقد تشكلوا من محترفي التجارة، وبعض كبار رجالات السلطة، وبعض الفقهاء الميسورين، وبعض كبار ملاك الأراضي وأرباب الحرف، واستثمرت أيضا بعض النساء الميسورات في التجارة مع بلاد السودان.
وكما تعددت أصولهم الاجتماعية، كذلك الأمر بالنسبة لأصولهم الجغرافية، محفزين بالربح الفائض الناجم عن التجارة القوافلية، فقد انتموا إلى مجالات مختلفة من بلاد المغرب، وبرز منهم، خلال العصر المرابطي، تجار مدينة أغمات أوريكة، فلم يكن “أحد أكثر منهم أموالا، ولا أوسع منهم أحوالا”. وقد كانوا إلى جانب تجار سوس أكثر الناس تكسبا، وأطلبهم للرزق. كما برز، خلال العصر الوسيط، تجار فاس وتلمسان وسجلماسة، هؤلاء الأخيرون، وبحكم موقع مدينتهم، كانوا أكثر جرأة على اقتحام بلاد السودان.
محمد ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 31 من مجلتكم «زمان»