كان مجتمع مغرب العصر الوسيط ذكوريا بالأساس، جعل المرأة مجرد تابع يتحكم فيها الأب أو الوالي، لكن ذلك لم يمنع من نسج قصص حب، تمردت فيها المرأة على القيم والأعراف السائدة حينئذ.
لم تخل المصادر المغربية من حديث عن الحب، إذ لا يبدو أنه كان من المواضيع المحرم الخوض فيها بصفة قطعية، لكن غالبا ما تم تناوله، بحكم هيمنة الثقافة الفقهية على “النخب“ المؤلِّفة، من وجهة نظر شرعية .وعندما يتعلق الأمر بالحب في إطار مؤسسة مغلقة (مؤسسة الزواج)، تصبح المعطيات المصدرية نادرة جدا، وتحتاج إلى إعمال آلية التأويل لفهم طبيعة حضوره فيها، لاسيما أن هذه المؤسسة في مجتمع مغرب العصر الوسيط هيمن عليها التصور الذكوري، الشيء الذي جعل الزوجة، غالبا، في وضعية التابع، وهذا ما يزيد من صعوبة الكشف عن الحب في العلاقة الزوجية وتجلياته. يقتضي الحديث عن مدى أهمية الجسد الأنثوي في تحفيز الرجال على الزواج في مغرب العصر الوسيط التمييز بين مجتمع الأرياف ومجتمع الحواضر، فإذا كانت المرأة في المجتمع الأول خالطت الرجال بحكم إسهامها في أنشطته الاقتصادية من زراعة ورعي، مما أتاح للرجل إمكانية الاطلاع على بعض مظاهر جسد المرأة ومن ثمة الانجذاب نحوها، فانطبع في ذهنه حب المرأة انطلاقا من جسدها، فإن هذا الأمر كان أقل حضورا في مجتمع المدينة لقلة خروج النساء، والخارجات منهن كُنّ يرتدين، في غالبيتهن، لباسا يحجب أجسادهن، ويجعل من الصعب على الرجل أن يكون جسد المرأة منطلقا لطلب الزواج منها، وبداية حبه لها.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 104 من مجلتكم «زمان»