كان هذا آخر حوار صحفي للراحل علال الفاسي في الكويت، حيث حل هناك قادما من دولة الإمارات، متوجها إلى العاصمة الرومانية بوخارست. وقد أجرت معه صحيفة ”القبس” الكويتية حديثا عن الأوضاع المغربية والعربية والقضايا الإسلامية، ونشر يوم الثلاثاء يوم 14 ماي ،1974 وهو اليوم الذي أذاعت فيه وكالات الأنباء خبر وفاته، فأضافت الجريدة ما يفيد أن الحديث كان آخر تصريح لعلال الفاسي. هذا نص الحوار (بتصرف).
ما رأيك في اتحاد كونفدرالي بدول الخليج؟
برغم أنني قادم إلى الكويت، من زيارة سريعة لـ“أبو ظبي“، إلا أنني لا أستطيع أن أدعى لنفسي الإلمام الكامل بتفاصيل قضايا ومشاكل الخليج .لكن الذي أود أن أؤكده، هو أن دول الخليج قد حققت تقدما حضاريا وعمرانيا ضخما، لكنها حاليا في أمس الحاجة إلى أن تندمج في اتحاد أو وحدة لا يهم شكلها، بقدر ما يهم مضمونها. إن الخليج يعاني حاليا وضعا صعبا، فهو مستهدف من الأطماع، خاصة أطماع من الشرق أو الغرب. والحل الوحيد لمواجهة هذه الأطماع هو الوحدة. لقد توحدت بالفعل بعض إمارات الخليج، لكني أنادي بالوحدة الخليجية الشاملة، ولو على شكل اتحاد كونفدرالي، يكون خطوة مرحلية جزئية على طريق الوحدة العربية الشاملة. إن دول الخليج تملك خيرات كثيرة .ومن هنا، فَإنَّني أتصور أن تبدأ خطوات الوحدة من منطلق اقتصادي، ينسق بين المصالح الاقتصادية لدول الخليج، ثم ينسق انطلاق هذه القدرات الاقتصادية للمساهمة المشتركة في برامج التنمية والاستثمار في الدول العربية والإسلامية المختلفة.
ولكن ما هو دور التنظيمات الشعبية في تحقيق هذه الوحدة. لقد كنت دائما تنادي بوحدة التنظيمات الشعبية كخطوة ضرورية أولية لوحدة الأنظمة الحاكمة؟
إن العمل الشعبي أساسي وضروري، لأن وحدة الشعوب هي التي تكون دائما عامل ضغط على الأنظمة الحاكمة، لتحقيق الوحدة الرسمية. وكلما اتسع نطاق العمل السياسي الشعبي، كلما اتسع نطاق الديمقراطية كممارسة فعلية لصالح الحاكم والمحكوم .
وفى تصوري العام، أن الأحزاب السياسية عملية ضرورية، لإرساء قواعد الديمقراطية، بل إن هذه الأحزاب هي خير وسيلة لامتصاص أي اتجاه للعنف وإزالته من أساسه، لأنها تتيح المنفذ المتنفس للتعبير عن كل الآراء، حتى المتعارضة منها مع بعضها البعض. ثم ينبغي ألا ننسى أن الأحزاب قد جاء ذكرها في القرآن. وقد تكون الحياة النيابية في الكويت أكثر تقدما من بعض بلدان الخليج العربي، لكن لاشك أن الإسراع بتحقيق الوحدة الخليجية، يقتضى اتساع نطاق العمل الشعبي والديمقراطي ككل، على مستوى دول الخليج كلها، وليس بعضها القليل أو الكثير فقط.
تتمة المقال تجدونها في العدد 127 من مجلتكم «زمان»