كيف كان المغاربة يتراسلون وينقلون الأخبار من مدينة إلى أخرى ؟ عرف المغرب مهمة البريد منذ عصور قديمة.
تذكر المصادر التاريخية أن الشعوب والدول عرفت التراسل عبر الحمام الزاجل بين المشرق والأندلس. لكن الحديث هنا عن مهمة فوق الأرض، أي عن شخص مهمته أن ينقل الأخبار بين الناس، وهو ساعي البريد الأول في المغرب. عبر تاريخ المغرب، أطلق على الشخص المكلف بنقل الأخبار اسم “الرقاص”. وتحتفظ المراجع بظهير منذ سنة 1148 في عهد الموحدين، ينظم عمل وواجبات الرقاص بشكل دقيق. وقد ذكرت مهمة الرقاص متلازمة بالتعجيل في نقل الأخبار المهمة، إذ يتوفر صاحب المهمة على عدد من الخيل والجمال، التي تتحرك بمنتهى السرعة لنقل الرسائل من محطة إلى أخرى.
في هذا الصدد تذكر المراجع أن “رقاص الشرط قطع المسافة في بعض الظروف بين طنجة وفاس في 12 ساعة”. كما تضيف مصادر أخرى أنه في العصور الوسطى كان العبور من ميناء سبتة إلى الجزيرة يتم في ثلاث ساعات كما قام به عبد الملك بن المنصور في سنة 999م. وفي العهد المريني فإن نبأ هجوم الاسبان على سلا يوم ثاني شوال وصل إلى علم العاهل وهو بمدينة تازة يوم رابع شوال فقصد سلا بعد صلاة عصر ذاك اليوم وصلى العصر بظاهر سلا في اليوم الموالي. وقد كان الرقاصين مزودين بحقائب جلدية.
من جهة أخرى، ظل البريد المخزني مسموحا له بنقل رسائل الأفراد من مدينة إلى أخرى بواسطة الحمّار، والحمّار هنا هو مصطلح قديم يطلق على رئيس القافلة التي تقوم بنقل المسافرين والسلع عبر ظهور الخيول أو البغال. وقد كان للحمّارين نقيب عليهم يعرف بقائد الحمّارة.
(المصدر: التاريخ الدبلوماسي للمغرب ج2 / عبد الهادي التازي)