في خضم التحولات والإكراهات الطارئة في المجال القروي، ظلت بعض الظواهر الاجتماعية تثير اهتمام الباحثين، أهمها “قيم التضامن” و”المجتمع التضامني”.
نظرا للتحولات التي شهدها المجتمع المغربي خلال القرنين الأخيرين، فإن بعض الحقول المعرفية أبدت اهتماما كبيرا بتلك التحولات، لا سيما وأن ارتباطها ظل مقرونا باللحظة الراهنة، أو على الأقل “مشابها لها“ .هذا ما فعلته حقول السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا والتاريخ بتتبعهما ظواهر المجتمع القروي على وجه الخصوص، نظرا للإكراهات والدينامية (الداخلية والخارجية) التي تحكمت في حدود التقارب بين المجال القروي والمجال الحضري، لا سيما مع مجيء العنصر الأجنبي (المتمثل في القوة العسكرية أو الآلة الإنتاجية) في القرن التاسع عشر.
قد لا يخلو مجتمع قبلي من مبدأ العمل الجماعي كآلية لديه لتدبير شؤونه المجتمعية والزراعية والاقتصادية (والروحية؛ كممارسة الشعائر والطقوس). وتدبر هذه الآلية كذلك منطق الاختلافات والتعارضات لدى بعض القبائل، ففي حالة النزاعات داخل القبيلة أو مع الآخر الخارجي يتم الاعتماد على آلية التدبير والتآزر الجماعي. ارتبط هذا الأمر، بشكل واضح بالمجتمعات الزراعية وظل قائما إلى فترات متأخرة، حيث «كان الشأن الفلاحي مصدرا للحياة والموت معا». أما إذا نظرنا بتمعن في التكتلات البشرية المبكرة (لا سيما فترات ما قبل التاريخ) حسب ما تخبرنا به الأركيولوجيا والأنثروبولوجيا فهناك دلائل وجود مظاهر مبكرة للعمل الجماعي، بل حتى “التضامن الجماعي“ وتقسيمه (بلغة دوركايم)، والذي يتمثل في توزيع الأدوار بين : توفير المأكل، حرس المساكن والحقول، وكذلك العناية بالمرضى والمعطوبين. [انظر مثلا الأبحاث حول مغارة تافوغالت].
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 138 من مجلتكم «زمان»