حاول السلطان العلوي محمد بن عبد الله الاستيلاء على الجزائر أثناء رزح هذه الأخيرة تحت حكم الإمبراطورية العثمانية. ولتحقيق ذلك جهز جيشه واستعان بجارته إسبانيا، وحاول بكل جهوده الدبلوماسية أن يفرض هيمنته وزعامته على الجزائر.
سيكون من السذاجة تأكيد أن المساعدة المالية والذخائر المبعوثة، والتي كانت في كل مرة أكثر من سابقتها، التي أهداها السلطان العلوي محمد بن عبد لله لسلطان القسطنطينية، لم تكن تهدف إلى تحقيق مصلحة مادية وسياسية، وأنها كانت فقط بدافع التضامن الديني مع السلطان التركي. لقد كانت الأهداف السياسية لسيدي محمد بن عبد لله بخصوص ولاية الجزائر هي التي تحركه أكثر من أي دافع للحصول على صداقة الباب العالي. لو أزمع السلطان المغربي بصفة قطعية في استعمال القوة، فإنه كان سيدرك أن فرصة الاستيلاء على الجزائر كانت في متناول يديه. لكن وبما أن عقليته الإسلامية ووازعه الديني جعلاه متحفظا كثيرا إزاء فكرة محاربة من ينتمون إلى دينه، كان من الملائم بالنسبة إليه إثارة أسباب استيائه من الداي الجزائري، وكيفما كانت، سواء أسبابا ذات طابع داخلي في التراب الإسلامي، أو أسبابا ذات طابع خارجي متعلقة بخلاقات سياسية وغيرها مع الدول المسيحية في أوروبا.
وظل عرب وبربر الجزائر يعانون آنذاك من ظلم واضطهاد السلطات التركية، لكن هذا لا يمكن أن يكون له تأثير كبير للوقوف إلى جانب السلطان المغربي وتسليمه السلطة على الولاية، لأن السلاطين العثمانيين أنفسهم كانوا في الماضي يخضعون تلك الأراضي لسلطتهم، ويسلمون أمر تدبير سياستها لمن يعمل بصفته نائبا عنهم. وحتى وإن كان هؤلاء الولاة في تلك الحقبة مارسوا فعليا سلطتهم المطلقة على الولاية، فإن الجزائريين ظلوا نظريا يعتبرون من رعايا الإمبراطورية التركية. لذا كان من الصعب أن يقبل الباب العالي نقل سلطته على هذه الولاية، وإن كانت صورية لسلطان المغرب.
رامون لوريدو دياث
تتمة المقال تجدونها في العدد 65 من مجلتكم «زمان»