يعتبر الأستاذ والخبير الدولي تاج الدين الحسيني واحدا من القلائل الذين وطأوا قدم القانون الدولي الاقتصادي مبكرا، بل كان الوحيد الذي يدرّسه حتى صار مرجعا أساسيا فيه .وقد مكنته خبرته المبكرة واطلاعه الجيد أن يصبح أستاذا للملك محمد السادس عندما كان وليا للعهد. في هذا الحوار، نعود مع الحسيني إلى بداياته الأولى ونشأته وعلاقته المبكرة مع القانون والمحاماة في زمن كان الصراع السياسي على أشده حتى مع أصحاب البذلة السوداء. وبحكم خبرته وتجربته الطويلة وتنقلاته بين دول العالم، شرقها وغربها، نستوضح معه بعض المواضيع العالقة منذ استقلال المغرب، وبالأساس طبيعة وجوهر الخلاف الجزائري المغربي منذ نشأته، بل واستشرافه لمستقبل العلاقات في ظل التحولات السياسية والاقتصادية الكبرى.
حدثنا في البداية عن ظروف نشأتك وسط البيت؟
في أسرتنا الصغيرة، كنا خمسة أبناء، كلنا ذكور، وكانت والدتي تقوم بكل شيء في البيت. كانت امرأة مثقفة، حفظت القرآن عن آخره، وكان جدي يلح أن يكون أبناؤها حفظة للقرآن ويربطونه بالدراسات الحديثة، وكذلك كان .التحقت بالمدرسة ولم أتم بعد السنة الرابعة .ومن حسن حظي أن المدرسة كان مالكها هو والدي رحمه لله، الذي أنشأ مدرسة في إطار ما يسمى بالمدارس الحرة في مدينة مكناس. وكانت طريقة متجددة لمحاربة الاستعمار، فقد كان يناضل ضمن صفوف الحركة الوطنية.
هل كان منتميا سياسيا وتنظيميا؟
مع بداية الاستعمار، ارتبط والدي بالحركة الوطنية بكل مشاربها وأطيافها .لكن بعد حصول المغرب على الاستقلال، كان قد أصيب بنوع من الصدمة، من كون رفقاء الأمس أصبحوا يتهافتون على المناصب وعلى الامتيازات، ولهذا كرس نفسه لكي يستمر في مدرسته ليعلم الأجيال وفي الوقت نفسه يستمر في ذات النضال الفكري؛ فمدرسته كان يرتادها الكثيرون من بعض أصدقائه وبعض المنتمين الحزبيين في السابق وغيرهم. وكانت بمثابة نادٍ يفتح للمناقشات ذات الطبيعة السياسية والدينية والاجتماعية إلى غير ذلك.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 140 من مجلتكم «زمان»