مع صدور مقترحات التعديلات الجديدة لمدونة الأسرة وعرضها على الملك محمد السادس يوم 23 دجنبر ،2024 كان من المثير في المنهجية التي اعتمدت لإخراج هذه التعديلات، إحالة عدد من مقتضياتها على المجلس العلمي الأعلى من أجل إبداء الرأي فيها وإصدار الفتوى، حيث اعتمد المجلس 16اقتراحا استجاب فيها للمطلوب، ورفض ثلاثة اقتراحات مقدمة، وقدم حلولا بديلة لها، وهو ما طرح التساؤل حول تاريخ الفتوى بالمغرب، وعلاقة سلاطين المغرب تاريخيا بالفقهاء ومدى حاجة السلطة إلى الفتوى لتبرير قراراتها وإضفاء المشروعية الدينية عليها.
ما هي أهمية خطة الفتوى في تاريخ الدولة الإسلامية؟ وما هو تاريخ الفتاوى المقدمة للسلاطين بالمغرب؟ وما هي أبرز القضايا التي اضطر فيها السلطان لمعرفة الرأي الشرعي؟ وكيف تفاعل الفقهاء مع مطالب السلطة الحاكمة؟ وكيف تحولت هذه الآلية من فتاوى فردية أو جماعية إلى مؤسسات مختصة؟
اهتمت كل الدول، التي تعاقبت على حكم المجتمعات الإسلامية، بمنصب الإفتاء، وكانت الفتوى دوما ضمن الخطط الدينية التي يوليها الحاكم منزلة خاصة، ويكلف بها من يثق في دينه وأمانته وعلمه، باعتباره نائبا عن لله ورسوله، وباعتباره ممثلا للرأي الشرعي، حيث حرص السلاطين على أن تكون قراراتهم ومواقفهم حائزة للتزكية الشرعية، بمقتضى قيام حكمهم على المشروعية الدينية، وبعقد البيعة الذي يربطهم بالرعية، والذي من أهم بنوده حفظ الدين وسياسة الدنيا.
وقد تطور منصب الإفتاء عبر العصور الإسلامية، فكان في أول الأمر يمارس بشكل فردي، إما في المساجد والمراكز التعليمية، أو من خلال فقيه يختاره السلطان مفتيا له، ثم تطورت الفتوى حيث أصبحت اجتهادا جماعيا من الفقهاء المقربين للسلطة، قبل أن تنتقل إلى عصر المأسسة، سواء من خلال لجان دائمة للإفتاء، أو عن طريق هيئات علمية مهمتها الإفتاء في قضايا الدولة والقضايا الكبرى التي تهم المجتمع.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 136 من مجلتكم «زمان»