أثار اغتيال عباس لمساعدي، في عام ،1965 غضب حزب الحركة الشعبية، بينما وجد حزب الاستقلال نفسه في مواجهة معارضة قادها الأمير مولاي الحسن ولي العهد آنذاك. لكن فتيل الثورة اشتعل في الريف، أي بعيدا عن الرباط وفاس.
كانت فاس ما تزال تعرف، في منتصف خريف عام ،1958 جوا حارا جدا. وكان عامل المدينة، الغالي العراقي، يعيش على أعصابه منذ عدة أيام .لكن رغم صفته الرسمية تلك، فإنه عاش تجارب مختلفة. ففي عام ،1955 شغل منصب الأمين العام للقيادة العليا لجيش التحرير. كما سبق أن تكلف، إلى جانب مهام أخرى، بالبحث عن الأسلحة في إيطاليا، وكان النجاح حليفه إلى حد ما على الرغم من أن المخابرات الفرنسية كانت تلاحقه… بعد استقلال المغرب، أصبح يعيش تناقضات، ولم يعد يعرف إلى أين يتجه، خاصة حين جاءه رفيقه السابق في السلاح عبد الكريم الخطيب، صحبة المحجوبي أحرضان، لإبلاغه بقرارهما نبش رفات عباس لمساعدي الذي اغتيل ودُفن في فاس سنة .1956 لقد عزم حزب الحركة الشعبية الناشئ على أن يجعل من قضية لمساعدي “قميص عثمان“ حقيقيا…
في الواقع، عارض الملك محمد الخامس ووزارة الداخلية رسميا استخراج رفات الزعيم السابق لجيش التحرير في منطقة الناظور، لكن يبدو أن مدير الأمن الوطني آنذاك، محمد الغزاوي، اتخذ موقفا معاكسا، فأصدر العامل العراقي تعليمات صارمة للشرطة بتشكيل حزام أمني حول المقبرة لمنع استخراج رفات لمساعدي .لكن في منتصف الليل، انسحبت القوات الأمنية، التي كانت تضم بضع مئات من الرجال، للسماح لقادة الحركة الشعبية بإنجاز خطتهم. فكيف يمكن تفسير هذه التناقضات داخل النظام؟ وكيف انتهى بهم الأمر إلى إشعال فتيل البارود في الريف؟
يونس مسعودي
تتمة المقال تجدونها في العدد 135 من مجلتكم «زمان»