مر البلدان المغرب والجزائر بعدة تقلبات وحروب. وبحكم موقعهما الجغرافي، تعاقبت عليهما حضارات عريقة، مما جعلهما يقتسمان عدة مشتركات من موسيقى ولباس وأكل وعادات وتقاليد… في هذا الحوار، توضح الباحثة زهراء النظام، المتخصصة في تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية، جوانب من تاريخ تلك المشتركات.
بشكل عام، كيف يمكن أن نصف أوضاع المغرب والجزائر في بداية العصر الوسيط؟
عاش المغرب والجزائر، طيلة فترات طويلة من القرون الوسطى، في ظل سلطة سياسية واحدة، وتعاقبت على حكمهما دول استمرت من عهد الأدارسة إلى مطلع العصر الحديث. وامتدت حدود الجزائر الإدريسية على الساحل من الريف غربا إلى حدود قسنطينة شرقا، ودانت لهم عدد من قبائلها ومدنها. وبدافع الزعامة والتوسع شرقا، ساق المرابطون والموحدون حروبا طويلة ضد المغرب الأوسط. وفي عهد يوسف بن تاشفين، أصبحت كل أعمال الجزائر الغربية بيد المرابطين وحتى مدينة الجزائر، ونشرت الدولة الموحدية أعلامها على كل القطر الجزائري، لكن زمن الوحدة هذا لم يستمر، وعجلت نهاية دولة الموحدين بانقسام بلاد المغرب إلى ممالك، واستقر الوضع على حكم بني زيان في المغرب الأوسط وبني مرين في المغرب الأقصى، هؤلاء الذين سيطروا على المغرب الأوسط، ولمدة وجيزة زمن السلطانين أبي الحسن وأبي عنان، وعلى مدينة تلمسان خلال فترات متقطعة من العصر المريني.
بعد سقوط الدولة الموحدية، افترق البلدان وأصبح لكل منهما حكما مستقلا، كيف أثر هذا التفكك على المشتركات التي كانت تجمعهما؟
دخل المغربان الأقصى والأوسط، بعد هذا التاريخ، مرحلة من عدم الاستقرار السياسي، وظلا، طيلة قرنين من الزمن، مسرحا لصراعات دامية أبطالها أمراء من بني مرين وبني زيان والقبائل العربية وقبائل زناتة، التي أسهمت بدخولها حلبة التنافس على الحكم، وانخراطها في النزاع بين الأمراء، في نشر الفوضى وتعميق الانقسام في البلدين، وزاد حضور الإيبيريين، الذين نزلوا بسواحل البلدين منذ نهاية القرن 14م، من عجز الحكام وانتشار الفوضى .ولئن كان تظافر عوامل الضعف هاته قد أفضت إلى ما أصبح عليه البلدان من تفكك على المستوى السياسي، فإن ذلك لم يؤثر على الشعور بالوحدة والتآلف بين مكونات المجتمعين، التي كان يغذيها الانتماء الديني والثقافي المستمدين من الشريعة الإسلامية والحضارتين العربية والأمازيغية، مما مكنهما من الحفاظ على المكتسبات التي حققاها في فترات الاستقرار والازدهار، التي نعما بها في ظل حكم المرابطين والموحدين، وشكلت رصيدا مشتركا تم استثماره في تمتين صلات التواصل والتعاون بينهما في الفترات اللاحقة.
حاورها غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 87 من مجلتكم «زمان»