في هذا الحوار، يكشف لنا الكاتب والسياسي السابق سليم رضوان جوانب من تاريخ الحركة الماركسية بالمغرب، انطلاقا من تجربته داخل منظمة ”إلى الأمام “وداخل صفوف الحركة الطلابية لليسار الجديد في سنوات السبعينات بالمغرب، وهي الفترة التي اشتدت فيها سنوات الرصاص حلكة، إذ تعرض سليم رضوان ورفاقه إلى الاعتقال والتعذيب قبل محاكمتهم في سنة .1973ضيف العدد، انتمى كذلك للحركة العمالية داخل ”الاتحاد المغربي للشغل”، ونشط داخل صفوفه حتى أصبح على مقربة مع الزعيم النقابي المحجوب بن الصديق، ومطلعا على شخصيته ومساره. كما ساعده تكوينه الفلسفي على الإسهام المبكر في الحقل الفكري، عبر إصدار مجلة ”جدل” منتصف الثمانينات والتي تعرضت للمنع على غرار مثيلاتها مجلة ”أنفاس “وغيرها .وانطلاقا من أطروحته الفلسفية حول ”الزمان في التاريخ العربي والإسلامي”، توالت إصدارته في مواضيع راهنة لكن برؤية فلسفية وتحليل تاريخي. ولهذا تتطرق جوانب من الحوار إلى الإشكاليات التي تتعلق بتاريخ المغرب والوعي به وتدريسه.
قبل أن نخوض في الحديث عن مسارك السياسي والعلمي، أنت بصدد إصدار كتاب حول المحجوب بن الصديق النقابي وأحد رجالات الحركة الوطنية، الذي لا نعرف عنه الكثير وترك أثرا في الساحة السياسية .لماذا اخترت الكتابة عنه؟
لم يكتب المحجوب بن الصديق شيئا يذكر عن نفسه، ولا توجد كتابات حوله. وعند وفاته في سنة ،2010 كتبت بعض المقالات في الجرائد، لكن لاحظت بعد ذلك أن النسيان طال الرجل مع مرور السنين، وليس وحده فقط، بل معظم رجالات الحركة الوطنية. بالنسبة للمحجوب بن الصديق فهو يمثل بداية ظهور الطبقة العاملة المغربية، وكيف تطورت كطبقة اجتماعية. فالمحجوب عندما التحق بشركة سكك الحديد الفرنسية في سنة 1938 كان سنه لا يتجاوز 16 سنة، وقد لاحظ وقتئذ وجود تمييز بين العمال المغاربة وبين والأوروبيين، فرغم وجود النقابة الفرنسية “CGT” إلا أن القانون كان يمنع انخراط العمال المغاربة في المنظمة النقابية. من هنا بدأ نضاله الذي كان متشبعا بثقافة الحركة الوطنية مثل جميع أبناء جيله الذين رفضوا الوجود الاستعماري .وابتداء من هذا التاريخ، شرع في كتابة مقالات وتشكيل خلايا سرية عن ضرورة كفاح العمال المغاربة من أجل الحق النقابي ودحر الوجود الاستعماري، وقد بدأ عددهم يتزايد مع النمو الصناعي في مدينة الدار البيضاء، ومع ظهور المناجم في كل من خريبكة واليوسفية وجرادة والمغرب الشرقي.
أنت ركزت على شخصية المحجوب بحكم فرادة مساره أو بحكم معرفتك به أو بحكم الموضوع؟
أهم شيء هو الموضوع، أي موضوع الطبقة العاملة ونشأتها في المغرب، وتحليل الظروف التي عاشتها. هنا يجب أن نطرح تساؤلات، من قبيل: لماذا لم يتحدث المحجوب بن الصديق عن نفسه؟ ولماذا لم يكتب مذكراته؟ ولماذا لم يجر حوارات صحافية؟ لأنه لم يكن يعتبر نفسه “أنا“ مجردة، بل يعتبر نفسه جزءا من الموضوع، أي من الطبقة العاملة، وعندما كان يتحدث فإنه يقول: «نحن في الحركة النقابية الوطنية.. نحن في الاتحاد المغربي للشغل»، ولا يقول هذا رأيي. لذا أحاول في الكتاب إبراز دور الشخصية وأهمية الموضوع النقابي الوطني في المغرب نظرا للتحولات والأحداث التي شهدها وعاشها في زمن الحماية الفرنسية بالمغرب.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 134 من مجلتكم «زمان»