اعتمد حكام المغرب، في مراحل تاريخية مختلفة، على نوع خاص من المخاطبات سواء داخل البلاد أو مع الخارج، حيث كانوا يعتمدون على رموز وأشكال لتعمية هذه الرسائل وتشفيرها حتى لا يفهم فحواها من طرف المتربصين.
عددت قصص تعمية الرسائل وتشفير الخطابات على مر التاريخ المغربي، فموقع المغرب الجغرافي جعله على صلة وطيدة بعدد من الممالك المطلة على حوض البحر المتوسط من جهة، وأيضا بممالك الشرق وإفريقيا من جهة ثانية. لذلك، كان من الضروري تنظيم الاتصالات وإتقان طريقة المخاطبات بين الإدارة المركزية وسائر ممثليها في أطراف البلاد، وكذا ما يتعلق بالعلاقات الخارجية.
حاجة ملحة
لم يكن ليغيب عن ذهن الحكام المغاربة أن موقع بلدهم الاستراتيجي قد يجعلها مقصدا للجواسيس الذين يلتقطون الأخبار، خصوصا أن التاريخ المغربي، منذ دولة الأدارسة، يخبرنا بسيل من المؤامرات والصراعات. فكان ذلك حافزا دفع الملوك المغاربة إلى التفكير في ابتكار أساليب ووسائل جديدة للمخاطبات تخرج عن ما هو مألوف. وفي المقابل، كان خصومهم يواجهون ذلك بتنصيب “كتبة مناصحين” يعينونهم على كشف هذه الشيفرات والمعميات، ويبدعون لهم هم أيضا مناهج أخرى للمراسلات.
ورغم ذلك، ما تزال المصادر تخذل في الوقوف على نماذج مفصلة من تلك الأساليب، لأن طبيعة الموضوع ذاتها كانت تقتضي الكتمان ما أمكن. ولأنه كان لكل ملك طريقته الخاصة التي تختفي برحيله. وربما كانت لكل حالة مفتاحها الذي يحرق أو يمزق بمجرد انتفاء الحاجة إلى استعماله خشية أن يقع في يد المتربصين. ومع ذلك، لا تخلو مصادر التاريخ المغربي من إشارات، تكشف عن اعتماد الملوك المغاربة أحيانا على لغتهم الخاصة ونحوهم الخاص.
عماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 65 من مجلتكم «زمان»