لماذا يتساهل المغاربة مع تارك الصلاة، بينما يتشددون مع مفطر رمضان حتى لو كان من ذوي الأعذار؟ هنا بعض عناصر الإجابة.
رغم أن علماء المسلمين يتفقون على أن أركان الإسلام الخمسة ليست على نفس الدرجة من الاعتبار والأهمية، ورغم إجماعهم على أن الصلاة هي أعظم الشعائر بعد توحيد العبودية، إلا أن المغاربة -دون غيرهم من شعوب المنطقة- لهم من الارتباط والتقديس للصوم ما ليس للصلاة، ولا يجرؤ الشخص على الإفطار علنا في نهار رمضان حتى ولو كان من ذوي الأعذار، فيما وقع التطبيع مع تارك الصلاة، وأصبح من المعتاد رؤية الناس على المقهى يتناولون المشروبات ويطالعون الصحف، فيما خطيب الجمعة يلقي خطبته على جموع المصلين.
بل يتساهل المغاربة في ترك الصلاة ولا يعدون فاعل ذلك ملتبسا بمنكر واجب التغيير، فيما لا يتساهل المرء حتى مع نفسه في ترك الصيام، فتجده مصرا على أداء الشعيرة رغم تحذير الطبيب وظهور مضاعفات وأثر الإصرار على الصوم. فهل لهذا التشديد في الصوم من أصل في أدبيات الدين الإسلامي؟ وهل هو أمر حادث على المغاربة أم قديم قدم تاريخ الإسلام بالمنطقة؟ وكيف تجاوب القانون والتشريع المغربي مع هذه الثقافة الدينية أو الاجتماعية؟ وما هي أسباب هذا الارتباط؟ وهل للجنس أو مستوى التعليم أو التمدن والبداوة أثر في التعامل مع الموضوع؟
لم يكن اجتماع الصائمين بالمفطرين على العهد النبوي يمثل أي إزعاج للمجتمع، بل يظهر من خلال روايات السيرة مدى التسامح في الموضوع، كما في حديث أنس بن مالك الذي رواه البخاري ومسلم ويقول فيه: «كنا مع النبي صلى لله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر»، ويشير أبو سعيد الخدري في رواية عنه إلى اجتماع الصائمين والمفطرين في المرض دون لوم أو معاتبة بين الطرفين: «كنا نغزو مع رسول لله في رمضان، فمنَّا الصَّائم، ومنَّا المفطر، فلا يجد الصَّائم على المفطر ولا المفطر على الصَّائم».
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 55 من مجلتكم «زمان»