يُعتبر نظام الحكم في العصر المريني توليفة ما بين التوجه الإمبراطوري، كما في ظل الدولتين المرابطية والموحدية، ويحمل إرهاصات الدولة القومية، إن صح هذا التعبير، كما في ظل الدولة السعدية وبعدها الدولة العلوية.
عرفت الدولة المرينية لحظتين فتّتا منها في عهد من كان سلطان الدولة المرينية الأعظم أبو الحسن المريني، الملقب بالأكحل – لأنه كان يتحدر من أمَة سوداء، ونسجت حوله أساطير عدة، لما شاع من ورعه – أولها ضياع الجزيرة الخضراء، ثم بعدها ثورة قبائل بني رباح في إفريقية أي في تونس على السلطان أبي الحسن في حركته التي خلدها الكفيف الزرهوني في ملعبته (قصيدة بالدارجة). ويُشكل نظام الحكم والتدبير في عصر المرينيين توليفة موفقة ما بين العمق الأمازيغي والعنصر الأندلسي الوافد، خاصة وأن كثيرا من وجهاء الأندلس وصناعها وعلمائها وتجارها، ارتحل إلى المغرب، بعد كلَب النصارى على الأندلس وضعف إمارة بني الأحمر التي انحسر (بالسين) نفوذها إلى مجال غرناطة وأرباضها. بيد أننا نجد عناصر مستقاة من الموحدين، كما هيمنة الأشياخ، ودورهم. ونجد وثائق ومراجع وافرة تتحدث عن نظام الحكم في عصر بني مرين وطقوسه، أبرزها كتاب ابن مرزوق الذي نعتمده في استجلاء طبيعة نظام الحكم ورسمه (البرتوكول). وإلى ذلك، مثّل حكم بني مرين، وبخاصة مع أبي عنان العهد الذهبي الفكري، إذ ضمت حاشية السلطان جمهرة من العلماء والأدباء الأفذاذ، كما ابن مرزوق، وابن خلدون، وابن بطوطة، والنميري، صاحب “فيض العباب“، وكتبوا كلهم عن هذه الفترة، وقدموا شهادات ضافية، يضاف إليهم لسان الدين ابن الخطيب.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 132 من مجلتكم «زمان»