لم يرتبط وصول العرب الأوائل إلى المغرب بمجيء الإسلام، بل كان قبل ذلك بكثير. غير أن الفتوحات الأولى وما تلاها جعلت العديدين منهم يستطيبون به المقام.
ترى العديد من الأبحاث العلمية الحديثة أن شبه الجزيرة العربية كانت الموطن الأول للشعوب العربية القديمة، أو ما يعرف بالشعوب السامية. وإثر تحولات مناخية كبرى عرفتها الكرة الأرضية منذ ما يربو عن ستة آلاف سنة، أسفرت عن جفاف حاد، بدأت هجرات سكانها في اتجاهات شتى، على شكل جماعات، شمل بعضها شمال إفريقيا بحثا عن أماكن توفر مقومات الحياة، وتوجه قسم آخر منهم (الكنعانيون) نحو بلاد الشام وهم الذين أسمتهم المصادر بالفينيقيين، انتقل بعضهم، في فترة لاحقة، إلى شمال إفريقيا بخلفيات اقتصادية – تجارية، وأخرى أمنية ناتجة عن ظرفية نهاية القرن 12 ومطلع 11 قبل الميلاد في منطقة الهلال الخصيب حين تعرضت المدن الفينيقية (صور، صيدا، جبيل، أرواد) إلى هجمات الآشوريين.
من جهتها، ترجح الأبحاث الأركيولوجية أن السلالتين الوهرانية والقفصية، من بين سلالات أخرى، المكتشفتين للإنسان العارف في العصر الحجري الأعلى بشمال إفريقيا، هما سلالتان مهاجرتان من الشرق. وتشير هذه الأبحاث إلى أن الرعاة بشمال إفريقيا «ما هم إلا موجة بشرية ظهرت في العصر الحجري الحديث طارئة على المنطقة [خلال الألف الخامسة قبل الميلاد] خاصة إذا ما عرفنا أن الأغنام والماعز لا وجود لهما ضمن الحيوانات البرية» في هذا المجال. كما ترى بعض الأبحاث اللسانية وجود أثر للعربيات القديمة في اللغة الأمازيغية من أكادية وكنعانية ويمنية وآرامية ومصرية وغيرها.
ياسر الهلالي
تتمة الملف تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»