خلال قرون طويلة، ترك المغاربة أثرهم البالغ بأرض الشام في عدة مجالات. من أبرز إسهاماتهم، التي تشهدها كتب التاريخ، دفاعهم المستميت عن سوريا، وإيقاف حملة نابوليون بونابارت في نهاية القرن .18
كانت بلاد الشام خلال العصر العثماني، بالتحديد قبل حملة نابوليون، مقسمة إداريا إلى أربع ولايات: حلب ودمشق، وطرابلس وصيدا .وبحسب المصادر التاريخية، فإن جنود نابوليون بونابارت اعتركوا مع السوريين في القسم الجنوبي الغربي من بلاد الشام (التي تعرف الآن بفلسطين). اختلفت الروايات حول الغاية التي دفعت نابوليون إلى احتلال سوريا سنة ،1799 لكنها تتفق على أنها تندرج ضمن برنامجه لإكمال حملته على مصر واحتلال المشرق، وذلك في إطار التنافس الذي كان قائما بين الإمبراطوريتين الفرنسية والبريطانية .تذكر إحدى الدراسات، حول الموضوع، أن الجيش الفرنسي عند قدومه لاحتلال المدن الفلسطينية من جهة الساحل، لقي مقاومات شديدة من السكان المحليين والفلاحين. في هذه الأثناء، كانت الجالية المغربية من شمال إفريقيا [أغلبهم من المغرب الأقصى] تستوطن الأراضي الشامية منذ زمن بعيد، يعود لحوالي القرن العاشر الميلادي. وعلى الرغم من أن الجزء الجنوبي، الذي تعرض للاحتلال، كانت تسكنه جالية مغربية معدودة إلا أنها «كانت واسعة التأثير والنفوذ على مجريات الأحداث داخل هذه المنطقة». ارتبط المغاربة ببلاد الشام ارتباطا وثيقا، بحكم رحلاتهم لأداء فريضة الحج والعمرة ذهابا وإيابا، إذ كانوا يقصدون في طريقهم زيارة الأماكن المقدسة في مقدمتها القدس. وتشهد المصادر التاريخية على أثر عبورهم إلى الشام أو مصر خلال زيارتهم مكة المكرمة. لكن منهم من اختار المكوث في الأماكن التي عبرها وزارها لمدة قصيرة أو طويلة، إما لغايات تجارية أو لطلب العلم؛ إذ كان المغاربة ممن يقصدون دمشق على وجه الخصوص، يمكثون بها «لطلب العلم أو تدريس بعض العلوم التي برزوا فيها مثل القراءات السبع وعلوم اللغة، وفي مقدمتها النحو».
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 136 من مجلتكم «زمان»