يسائل هذا المقال اسم مدينة تاونات من زاوية لغوية وتاريخية، مستنيرًا بالمقاربات الطوبونيمية واللسانية المقارنة، مع العودة إلى الروايات التاريخية والذاكرة المحلية، بغية الكشف عن دلالة الاسم، وأصله.
الطوبونيميا، علم يعنى بدراسة أسماء الأماكن، فهو حقل معرفي يتقاطع فيه علم اللغة مع التاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجيا؛ فالاسم الجغرافي ليس مجرد علامة مكانية، بل هو في جوهره وثيقة لغوية–تاريخية تختزن في طياتها إشارات إلى الأصول الإثنية، والتحولات السيوسيو–اقتصادية، والأنماط الثقافية التي مرت بها منطقة معينة. تحمل الأسماء الجغرافية بُعدًا هوياتيًا قويًا، إذ تُسهم في بناء الشعور بالانتماء وتعزيز الرابط بالمجال المحلي، وهي بذلك تمثل عنصرًا من عناصر الذاكرة الجماعية التي يجب توثيقها وحمايتها من الطمس أو التحوير غير المؤسس. ينعت اسم تاونات حيا يقع بمدينة تحمل الاسم نفسه، وتشكل مركزا لإقليم من أقاليم المملكة المغربية سمي هو الآخر باسمها. لذا وحتى لا يلتبس الأمر على القارئ، فإننا نصرح أن موضوع هذه المحاولة هو اسم (طوبونيم) مدينة تاونات.
تنتمي تاونات لقبيلة مزيات ضمن مناطق اجبالة، وتشكل العاصمة الإدارية لإقليم تاونات جهة فاس مكناس الذي يمتد بتلال مقدمة جبال الريف: جنوب إقليمي الحسيمة وشفشاون، شمال مولاي يعقوب وصفرو، غرب إقليم تازة وشرق إقليمي وزان وسيدي قاسم. عرفت منطقة تاونات الاستقرار البشري على الأقل منذ العصر الميتانوميتي (حوالي 10.000-6.000 قبل الميلاد)، وهو طور من عصور ما قبل التاريخ يتميز بظهور أدوات حجرية دقيقة واستقرار نسبي قرب الاودية والموارد الطبيعية. يبلغ عدد سكان مدينة تاونات 39071 نسمة حسب إحصاء ،2024 ويعيش معظمهم على الزراعة المعاشية وغرس الأشجار المثمرة التي يتصدرها شجر الزيتون بمعدل يفوق 83% منها.
طارق البكوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 140 من مجلتكم «زمان»