تستضيف مجلة ”زمان”، في هذا الحوار، المفكر كمال عبد اللطيف لنغوص معه في بعض القضايا السياسية والفكرية والثقافية، والتي نستهلها بمتابعته لأهم القضايا التي شغلت الشأن العربي والدولي، وهي القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي .وهي قضايا شكلت منذ منتصف القرن الماضي، صلب اهتمامات الفكر العربي والنهضوي. كما نتعرف في الحوار على جوانب من مسار ضيف العدد، من حيث اهتمامه المبكر بالقراءة والانفتاح على ثقافات ومصادر متنوعة، مرورا بالمرحلة الجامعية التي أسهمت بدورها في تكوين أجيال من المفكرين المغاربة .ويوضح كمال عبد اللطيف ما يقصده في كتاباته بالتحديث السياسي وما يدعو إليه في التنوير والحداثة. فضلا عن قضايا أخرى تتعلق بالتغيير والإصلاح السياسيين في العقدين الأخيرين بالمغرب.
لنستهل الحوار بسؤال حول ما يجري الآن .كيف يتابع المفكر كمال عبد اللطيف الصراع الأخير بين الفلسطينيين وإسرائيل؟
أتابع ما يجري اليوم في موضوع الحرب المتواصلة في فلسطين، فقد كنت وما زلت منذ هزيمة 67 أتابع طبيعة التغلغل الصهيوني في المحيط العربي، أتابع اليوم صور المقاومة الفلسطينية العائدة، والمصمّمة على تخطّي مختلف أشكال التراجع، التي سادت منذ اتفاقية أوسلو 1993 .ولا أكتفي بالمتابعة بل أحرص في الآن نفسه على كتابة يوميات ومقالات رأي في بعض المنابر والمواقع الإلكترونية، أوضح فيها جوانب من أشكال تَعَقُّلِي لظاهرة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، ولمختلف صوّر التحول التي عرفت القضية الفلسطينية خلال تاريخها. وقد صدر لي قبل شهرين كتاب بعنوان “في القضية الفلسطينية وتحوّلاتها“، ضمّ مجموعة من المقالات التي حاولت فيها إبراز جوانب من تحولات المشروع التحرري الفلسطيني. كنت وما زلت طيلة أشهر متابعتي للحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، أتساءل من يوقف حرب إبادة الفلسطينيين؟ ويبدو لي أن مكونات الحركة الفلسطينية بمختلف فصائلها، تدرك اليوم أن طوفان الأقصى فِعْلٌ في المقاومة، وهو من صُنع تاريخ الوفاء للمشروع الوطني الفلسطيني، إنه يستوعب في روحه الخطوات الأولى لميلاد حركة التحرير الفلسطيني في كثير من تجلياتها، كما يستوعب معطيات عديدة من الانتفاضات الفلسطينية، ومن مختلف صوّر الصمود التي مارستها أجيال فلسطينية، طيلة عقود القرن الماضي. نعرف اليوم الغليان الصامت في الضفة والقطاع، وفي مختلف المدن والقرى الفلسطينية، كما نعرف أن الشباب الصامد والمُقاوم في غزة، ينتمي إلى أفق في النضال يخص كل الشباب الفلسطيني المتطلع إلى الاستقلال والتحرير. ولهذا السبب نرى أن استكمال رسالة الصمود، يتطلب وحدة العمل الوطني الفلسطيني .حيث ينبغي أن يقف اليوم كل المؤمنين بالمشروع الوطني الفلسطيني مع المقاومة الجديدة، التي أطلقها طوفان الأقصى. يحمل الشباب الفلسطيني راية المقاومة والصمود، سمات شباب المقاومة في التاريخ الفلسطيني المعاصر. وهو وحده القادر على وقف العدوان الصهيوني المتواصل، بفضل وحدة الصَّف المُقْتَرِنة بوحدة المشروع الوطني الفلسطيني، ووحدة الفصائل المكونة للجسم الفلسطيني. من أجل صمود أقوى ومقاومة تفتح أعينها مجدداً، على سياق تاريخي يختلف عن بعض صوَّر التحول التي لحقت المشروع الوطني الفلسطيني في العقود الثلاثة الأخيرة.
وما الذي تغير اليوم بخصوص مصطلحي العرب والغرب؟
فيما يتعلق بكل من العرب والغرب، فإنني أتصوّر أن الصراع المتواصل اليوم في فلسطين، وهو الصراع الذي تقوم فيه بعض القِوى العربية بدعم المشروع الصهيوني، وتقوم فيه الأنظمة العربية وهي تجتمع في قمتها الأخيرة المنعقدة في المنامة يوم 16 ماي الماضي بإصدار بيان لا لون ولا طعم له، الأمر الذي يفيد استمرار الهيمنة الغربية على أغلب الأنظمة العربية، وهو ما يدعو قوى التحرر والتقدم العربية إلى مواصلة نضالها من أجل تحرير فلسطين، ومن أجل التخلص من تبعيتها للغرب.
حاوره غسان الكشوري
تتمة الحوار تجدونها في العدد 131/130 من مجلتكم «زمان»