كيف كان يتم استقبال السفراء والمبعوثين من طرف سلاطين المغرب؟ وما هي الطقوس والبروتوكولات المتبعة بين مختلف الأسر الحاكمة في تاريخ المملكة؟ ثم ماذا كانت غاية الدولة من التقيد بالبروتوكول والتشدد فيه أحيانا ومن التخفيف منه حينا آخر؟
اعتمد سلاطين المغرب على طقوس ومراسم لا غنى عنها لتدبير مرحلة حكمهم. ومنهم من ركز عليها بشكل كبير وتعمد إظهارها بل والمبالغة فيها، ومنهم من حافظ عليها وطورها. وإلى جانب غايتها في تدبير شؤون البلاط، فإن تلك المراسم تحمل دلالات رمزية، تتصل بالأساس بهيبة الدولة والسلطان. من بين هذه المراسم، طقوس استقبال السفراء ومظاهرها. قبل الحديث عن بروتوكول الاستقبالات، يشير المؤرخ عبد الهادي التازي في موسوعته الدبلوماسية، إلى دوافع استقبال هؤلاء الموفدين، ويقول إنهم تارة يأتون إلى المغرب «بمبادرة تتخذها الدول المعنية لضرورة تقتضيها مصالحها، أو لمجاملة تحتّمها ظروفها على نحو ما نرى في العهد المرابطى والموحدي»، بينما ترد بعض السفارات تارة بإيعاز «من المغرب ذاته إذا ما شعر هو الآخر بأمر يستوجب استدعاء تلك السفارة لتزكية موقفه من بعض الجهات، أو للمساعدة على حل مشكل عارض». ولا يرد السفير إلى البلاد، حسب المؤرخ نفسه، إلا إذ كان مزودا برسالة اعتماد تحتوي على تقديم السفير والتوصية به خيرا، ومنحه الثقة في ما ينقله وعلى ما هو معهود به. كما أنه عند وصوله نقطة الدخول في البر أو الميناء، فإنه يحصل على إذن للدخول بمثابة تأشيرة، توفر له الحماية وتقيه من المشاكل في الطريق، بالإضافة لمرافقته وحراسته. تأثر السلاطين في المغرب، خلال فترة مجاورتهم الأندلس، ببعض التصرفات والطقوس التي كان يفرضها ملوك النصارى عند استقبالهم لسفراء الدول المسلمة، منها مثلا الانحناء أمام الملك أو طأطأة الرأس، وأحيانا بالدنو سجودا، على أن يكون السلطان، مثلما دأب عليه الموحدون، واقفا عند استقبال المبعوث والضيف .ويختلف الاستقبال بين القادم من الدولة المسالمة وتلك المحاربة، وكذلك بين المسلم والنصراني. «وقد كانت الدولة المغربية تتعمد إظهار القوة والأبهة في هذه المناسبات حتى تعطي فكرة عما تستطيعه من إمكانيات»، حسب ما أورده التازي.
غسان الكشوري
تتمة المقال تجدونها في العدد 134 من مجلتكم «زمان»