فرض قانون الجوار والقرب الجغرافي أحكامهما على المغرب وإسبانيا لصياغة تاريخ مشترك، خضع للكثير من التقلبات، التي أملتها الحروب والصراعات طلية أكثر من 13 قرنا، أي منذ ما يُعْرَف في الأدبيات العربية بـ”فتح الأندلس”. وعلى امتداد هذه المسافة التاريخية، عرفت تمثلات أحد الطرفين للآخر، أيضا، تقلبات في الصورة المرسومة، وصلت إلى حد الطعن في الدين والعرض والشرف. يقر الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو، الذي كان يحب أن ينادى أيضا بـ”المراكشي”، بأن المخيال الإسباني غالبا ما صور المغربي بكل الوجوه السلبية والخبيثة. لكنه ”وهو في هذا كله، بقي المغربي يغذي، طيلة عشرة قرون، أساطير الإسبان وأعمالهم الخيالية، ويشكل مصدر إلهام لقصائدنا وأغانينا، وشخصية محورية لرواياتنا ومآسينا”، يقول غويتيسولو.
يمكن لهذه الأساطير والحكايات، سواء كانت متخيلة أو واقعية، أن تشكل مصدر إلهام جديد وإحدى اللبنات لبناء عيش مشترك آخر في الحاضر والمستقبل. يعود الملف، الذي تقترحه عليكم ”زمان”، إلى جذور العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين، وإلى زمن عيش الإسبان بين ظهرانينا…
كان الاستعمار الأوربي، في جوهره، نظام احتلال عنصري بدون شك، تحركه الآلة الاقتصادية الرأسمالية لأوربا الغربية، لكن في ثنايا هذا الحكم العام، توجد تفاصيل وعلاقات معقدة ثقافية وسياسية وإنسانية بين المستعمِر و المستعمَر. فالتاريخ الاستعماري ليس بهذه البساطة التي تسمح باختزاله أو تصنيفه، بل هو ظاهرة تاريخية غيرت شكل المعمور، وتتطلب من المؤرخ دراسة مستفيضة من أجل الكشف عن ديناميات مجتمعية ما تزال تحكم الواقع السياسي والثقافي لأغلب دول العالم. في هذا السياق، تشكل الحماية الإسبانية في شمال المغرب مرحلة تاريخية خصبة في مجال الدراسات المغربية – الإسبانية، نظرا لأهميتها البالغة في تشكيل الوعي بالآخر المخالف في الثقافة المعاصرة لشعبين من أعرق شعوب البحر الأبيض المتوسط.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 103 من مجلتكم «زمان»