إن إعطاء الأولوية للمحدد التاريخي على حساب العلاقات السوسيولوجية الحالية، بحسب عبد الله العروي، من شأنه أن يضيء بعض الأحداث التي ما تزال غامضة. يضرب مثالا على ذلك في تفوق تيار علال الفاسي على تيار محمد بلحسن الوزاني. “كان الفاعل الرئيسي (أي علال) ما يزال شابا عند لحظة وقوع الحدث. حسب تصريحاته لم يكن سنه يتجاوز 18 سنة حينئذ. للأمر إذن دلالته، فالعامل الحاسم لم يكن مرتبطا بشخصه بل بما يمثله من رمزية. فماذا كانت هذه الرمزية بالضبط؟
يتعلق الأمر بالتحالف مع العرش، الذي يرجع لتلك المعركة الشهيرة في واد المخازن (1578) ضد البرتغاليين، والذي بقي مستمرا على مر القرون. مقابل ذلك، فعليا أو ظاهريا، إذ ما يهمنا هنا هو الدلالة الرمزية، كانت هناك الروح الاستقلالية للزوايا، للجماعات المحلية، التي أثارت دوما قلق المخزن المركزي. المخزن، ولو كان ضعيفا، محميا لكنه بقي حيا دائما، يرمز إلى العمل المتواصل لهؤلاء الفقهاء المشرعين في أفق مغرب موحد وممركز، لم يكن ليتردد للحظة، إذ انحاز منذ البداية للأول على حساب الثاني، وهو ما ظهر بشكل بديهي عندما حررت وثيقة المطالبة بالاستقلال في 1944. لم يكن الأمر يتعلق إذن بشخصيتين أو تربيتين أو خطين تاكتيكيين متعارضين، بل برؤيتين للمستقبل متجذرتين في الماضي، إحيائين للازدواجية التي ميزت دائما المجتمع المغربي. يملك الامتياز الحاسم، ذلك الذي ينتمي، عن وعي أو دونه، للتقليد المخزني، أو لتقليد الفقهاء المشرعين على نحو أدق.”
أي نتيجة
View All Result