لم تلق الدعوة الوهابية، التي وصلت إلى المغرب لأول مرة في سنة 1803 أي ترحيب لا وسط العلماء ولا داخل المجتمع، بل ووجهت بعداء شديد.
علاقة المغاربة بالمذهب الوهابي لم تكن دائما واضحة، وتعرضت للكثير من التشويه والتحريف. وقد اتهم بعض سلاطين المغرب مثل سيدي محمد بن عبد لله والمولى سليمان بتبني هذا المذهب مع أن التعايش بين هذا المذهب الطارئ والأسس التي قام عليها “الإسلام المغربي” تحول دون أي توافق بين الاثنين. خلال القرن الثامن عشر بدأ المسلمون يشعرون بما آلت إليه الأمور في بلاد الإسلام من تدهور، وكيف تراجعت هيبة الإسلام والمسلمين في الوقت الذي اكتسب فيه أعداؤهم قوة وبأسا. وكان طبيعيا أن يرجعوا ذلك لأسباب دينية، فقالوا إن ابتعاد المسلمين عن الدين الحق وطغيان البدع والانحرافات هي التي تفسر وضعية المسلمين المتردية. وما عسى أن يكون الحل إن لم يكن الرجوع إلى إسلام السلف الصالح وتطهير الدين مما لحق به من تشويه وانحراف وصل في بعض الأحيان إلى الشرك والتنكر لمبادئ التوحيد التي هي أساس الإيمان. وقد ظهرت محاولات لإصلاح الدين في عدد من أنحاء العالم الإسلامي، كما حدث في الهند مع شاه ولي الله (ت. 1762)، وكما كان عليه الأمر بالمغرب مع السلطان سيدي محمد بن عبد لله، دون أن يكون لذلك علاقة بوهابيي الجزيرة العربية.
إن الوهابية هي شكل جديد من أشكال الحنبلية، وقد ظهرت بالجزيرة العربية خلال القرن الثامن عشر على يد محمد بن عبد الوهاب (ت. 1792).
محمد المنصور
تتمة المقال تجدونها في العدد 62 من مجلتكم «زمان»