أعاقت عدة عوامل عدم ظهور طبقة بورجوازية في مغرب العصر الوسيط، غير أن سياسة الحكم السلطاني شكلت أس العوامل التي جعلت الفقهاء والأشراف والتجار ورجالات الحكم غير قادرين على تشكيل طبقة تتميز عن عامة الناس.
يستدعي الحديث عن المجتمع الطبقي استحضار أهم الشروط الناظمة للمفهوم الحديث للطبقة الذي أخذ شحنته الاجتماعية – الإيديولوجية مع المدرسة الماركسية خلال القرن 19م، باعتبارها أول من أثار أطروحة الحديث عن المجتمعات الطبقية؛ فهذه المجتمعات وليدة تكاثف مجموعة من الخصائص. وفي هذا الصدد، يعتبر ثلة من الباحثين مثل جورج جورفيتش، وأندري جوستان، ورودولفو ستافنهاغن، وراتينكوف يرماكوفا أن الحديث عن مجتمع الطبقات لا يصح إلا مع حلول نظام الرأسمالية والتصنيع الذي يتطلب مشروعات ضخمة، وسوقا حرة بموازاة أعداد كبيرة من السكان وأساليب فنية متطورة. فالطبقات لم تتشكل إلا ابتداء من ظهور مرحلة “المانيفاكتورة” (Manufacture) الرأسمالية، وعلى الأخص الاستخدام الآلي في الصناعة، وقد تم هذا خلال القرن 17م، أي في الفترة المعاصرة لنشأة المصنع، وظهور نزعة التصنيع اللذين وصفهما ماركس وصفا دقيقا في كتاب “رأس المال“ .وشدد بيار لاروك على عدم إمكانية الحديث عن مجتمع الطبقات إلا مع المجتمع الصناعي لمنتصف القرن 19م. وماركس نفسه كان كلما تقدم في العمر، بدا ميله إلى تحديد وجود الطبقات في نمط المجتمع الرأسمالي والصناعي بمفهوم الصناعة الكبرى .وهو ما لا ينطبق على كثير من المجتمعات في فترات تاريخية متعددة، ومنها المجتمع المغربي خلال العصر الوسيط .إضافة إلى هذا العامل، يربط كثير من المتخصصين ومنهم جورج جورفيتش بين ظهور الطبقات والتقسيم الاجتماعي للعمل مع ظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وانتشارها على نطاق واسع.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 109 من مجلتكم «زمان»