كانت العيطة، منذ قرون، صوت القبائل في التعبير عن أفراحها وأحزانها. وفي عهد الاستعمار، تحولت إلى وسيلة لرفض المحتل .وكانت الشيخات في المقدمة، كما جسدت ذلك مباركة البهيشية.
لن يكون تاريخفن العيطة إلا افتراضيا، يتم بناؤه من خلال إشارات متناثرة، هنا وهناك. عموما يربط فن العيطة بقدوم القبائل العربية (بنو هلال خصوصا) إلى المغرب في عصر الموحدين، وانتشارهم في السهول الأطلسية من بلاد الهبط مرورا بالغرب والشاوية ودكالة وتادلة والحوز والحصبة. ومن خلال تفاعل أشكال الغناء وأدواته، التي حملتها معها هذه القبائل بالأشكال المحلية الأمازيغية وإيقاعاتها، ولد هذا الفن الأصيل الذي يتميز به المغرب عن غيره من البلدان، علما بأن نفس القبائل استوطنت ليبيا وتونس والجزائر، وتفاعلت في الجزائر، بالأساس، مع مكون أمازيغي مهم ومتجذر، لكن لم تنتج فنا شبيها بفن العيطة. إن ارتبط فن العيطة بتغريبة القبائل العربية، فلماذا ولد في المغرب بالذات؟
وتشير دراسات إلى شكل من أشكال الموروث اليمني في الغناء يسمى الملاله وازدهر بالأساس بين قبائل تعز. تكاد بعض الملالات تتطابق تماما مع العيطة الجبلية وبعض العيوط الملالية، وخصوصا ملالة المشولي وتعز الحجرية وما يغنيه جواد أحمد عبد الفتاح. وما يثير الانتباه هو أن من بين أقسام القبائل التعزية: العييطة أو بني العيطة، وأيضا بنو هلال. تغنّى الملالة غالبا في مقام لحجاز، ولها تقطيع سلس، يرتكز على تكرار لازمة “لي ليليلي” تماما مثل عيطة ملالية مسجلة في الخمسينات لنعينيعة.
عبدالكريم جويطي
تتمة المقال تجدونها في العدد 29 من مجلتكم «زمان»