يعتبر محمد السوسي الموساوي ذاكرة حية لحزب الاستقلال، ومفتشه العام وصوت الحكمة داخله. عايش السوسي المخاضات الأولى لاستقلال المغرب في بداية الخمسينات، ولازم علال الفاسي، وشهد أهم الأحداث التي حددت المشهد السياسي للمملكة، على رأسها صراع الشوريين والاستقلاليين وانتفاضة الريف، فضلا عن انشقاق الاتحاديين عن حزب الاستقلال سنة 1959وتورط بعضهم في مقتل عبد العزيز بن ادريس، ثم قضية الحدود وضم موريتانيا إلى المغرب .ويكشف محمد السوسي 83عاما، في هذا الحوار الحصري الذي خص به مجلة ”زمان”، عن تلك الأحداث وغيرها من الكواليس التي يتحدث عنها لأول مرة.
ارتبط اسمكم ومساركم الطويل بشخصية علال الفاسي، حدثنا عن بدايتك الأولى في حزب الاستقلال وعن علاقتك بعلال الفاسي..
أولا، أشكركم على الاستضافة والفرصة التي أتحتموها لي. أما بخصوص علاقتي بالزعيم علال الفاسي، فككل المغاربة كانت علاقة عاطفية تقديرية منذ بداية الانخراط في حزب الاستقلال، عندما كنا نتلقى خطبه وتصريحاته من إذاعة صوت العرب في بداية الخمسينات، وبالتحديد سنة .1954ثم شاءت الأقدار ببلادنا أن يتم النصر بعودة الملك محمد الخامس من منفاه ومعه قادة الحركة الوطنية وبصفة خاصة الزعيم علال الفاسي، الذي تأخر رجوعه إلى صيف .1956 في هذا التوقيت، حظيت فيه بأول لقاء ونظرة عن قرب لعلال الفاسي؛ إذ حضرنا نحن طلبة جامعة القرويين وطلبة الثانوية الإدريسية لقاءً في منزل المجاهد سيدي أحمد مكوار. فملأنا جنبات البيت (القبة)، وجلسنا نستمع ونتعرف على الزعيم. وأذكر من بين ما أذكر أن الراحل محمد جسوس، السوسيولوجي المعروف، كان معنا ووقف وسأل علال الفاسي: «إننا مشتاقون لكلامك»، فأجابه علال بهذه العبارة: «لا توصي يتيم على بكاه» (لا توصي يتيما على بكائه). كنا مبهورين بشخصية علال الفاسي أكثر مما كنا نستوعب ما يقول، وأتحدث هنا عن نفسي، حيث كان الوعي والإدراك السياسي ما يزال في مراحله الأولى.
وكيف اشتغلت معه عن قرب؟
خلال دراستي بالقرويين، وطيلة 3 سنوات في الكلية، تلقينا على يدي علال الفاسي دروسا في مقدمات لتاريخ التشريع الإسلامي، ومقاصد الشريعة الإسلامية التي كان يلقيها على شكل محاضرات، وجمعت في كتاب سنة ،1963 وشرح مدونة الأحوال الشخصية. في هذه المرحلة بالذات، كنت مسؤولا على الطلبة الاستقلاليين، وعضوا في شبيبة الحزب، وكنت نشيطا في المجال الجمعوي، وكان الاستقلاليون أعضاء في ودادية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ،(UNEM)فكانت لنا لقاءات منتظمة متى حضر الزعيم للتنسيق والاستفسار والتوجيه في ما يخص الطلبة. وقبل ذلك، أسهمت في تأسيس الاتحاد الجهوي التابع للاتحاد المغربي للشغل في صيف ،1955 كنت أساعد مصطفى بلعربي العلوي، وأستقطب العمال للانضمام للحزب، وأعرض عليهم كذلك الانخراط في الاتحاد المغربي للشغل. ولهذا، كان علال الفاسي يقول إن “العمال المغاربة“ تحزبوا ثم تنقبوا.
حاوراه غسان الكشوري وحسن أوريد
تتمة الحوار تجدونها في العدد 91 من مجلتكم «زمان»