عرف المغرب، في فترة ما، عبيدا من ذوي البشرة البيضاء. “زمان “تستعرض هنا أبرز القصص التي دونتها الأدبيات التاريخية عن استعباد الأوربيين، وأهم ما جاء فيها من الملاحظات والإشارات، وكيف تحدثوا في مذكراتهم عن المغرب وأحواله وملوكه، وكيف رأوا معاملة المغاربة لهم...
إذا كانت الأبحاث والدراسات قد اعتنت بدراسة تاريخ الرقيق الأسود بالمغرب، فإن القليل منها من تناول الحديث عن الرقيق الأبيض، وعن الأسرى الأوربيين الذين سقطوا في يد المغاربة، بسبب قلة الوثائق وندرتها، وعدم تعرض أغلب المؤرخين المغاربة لهذا الموضوع لأسباب مختلفة، وهو ما يجعل أغلب الروايات التي دونت في الموضوع تعود إلى ما بعد القرن الثامن عشر الميلادي، والتي سجلها هؤلاء الأسرى بأنفسهم، مع ما تحمله من أحكام وانطباعات شخصية. أغلب الروايات التي بين أيدينا عن قصص الرقيق الأوربي واستعبادهم بالمغرب كانت بعد القرن الثامن عشر، أي عصر سلاطين الدولة العلوية وملوكها، وخصوصا على عهد المولى إسماعيل وأبنائه وأحفاده. فقد ترك المستعبدون في هذا الوقت عددا من النصوص التي تؤرخ لما عاشوه من مآسي ومغامرات، كما سجلوا بها عددا من الأحداث السياسية التي عاشوها وكانوا شهودا عليها، مع ضرورة الإشارة إلى ما تتضمنه أحيانا من مبالغات وزيادات، بل حتى أخطاء في عدد من المعطيات التاريخية، وقد نبه على كثير منها محققو هذه النصوص من المغاربة. ومن المعلوم أن عددا من الأندلسيين الفارين إلى المغرب بعد سقوط غرناطة ومحاكم التفتيش نهاية القرن الخامس عشر، قد اجتهدوا من أجل الانتقام من أعدائهم المسيحيين، فحولوا البحر الفاصل بين الجهتين إلى ساحة حرب، من خلال أعمال القرصنة والسطو على السفن الأوربية خصوصا بمنطقة سلا وأبي رقراق، ومن خلال أسر الأوربيين أيضا وتحويلهم إلى عبيد وبيعهم بأسواق النخاسة، سواء من خلال بيعهم للخواص، أو إرسالهم إلى قصور السلاطين الذين كانوا مهتمين باقتناء العبيد.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 126 من مجلتكم «زمان»