كان صاحب المقدمة من السباقين الذين تنبهوا إلى الخيط الرابط بين العلوم والسحر، موافقا الفلاسفة بأن السحر ينبع من النفس البشرية وأثر لها.
طرح تناول موضوع السحر في مغرب العصر الوسيط مشاكل عدة في طريق المؤرخ، منها قلة المادة المصدرية. وابن خلدون نفسه يعترف بأن ما أُلِّف من كتب عن السحر محدود لكونه يندرج ضمن «العلوم المهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر، ولما يشترط فيها من الوجهة لغير الله (…) إلا ما وجد في كتب الأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام، مثل النبط والكلدانيين». وحتى هذه، لم يترجم منها إلا القليل. لذا، فكتب السحر “كالمفقود بين الناس“. وعليه، سيتم الاقتصار على ما خطته أنامل ابن خلدون في مقدمته الشهيرة باعتباره من أبرز علماء المسلمين الذين وقفوا عند موضوع السحر، وتأملوه بعمق.
مفهوم السحر
يصعب فصل تناول ابن خلدون لموضوع السحر عن البنية الثقافية لعصره، بنية طُبعت بواقع حال العصر الذي عرف فيه المغرب أزمات اقتصادية وسياسية وطبيعية… وبديهي، في ظرفية مثل هذه، أن يتم الانجذاب أكثر «نحو الفكر الغيبي الذي يعتبر السحر إحدى تجلياته».
صنف ابن خلدون السحر ضمن “العلوم“، وقد لاحظ أن “كثيرا من العلوم التي تناولها يختلط فيها العلم بالسحر، وتستمد وجودها بطرائق سحرية متنوعة خاصة علم الكيمياء وعلم الفلك وعلم التنجيم (…) وعلم الفلاحة (…) وعلم الهيئة“. وقد كان ابن خلدون من «الأوائل الذين تنبهوا إلى الخيط الرابط بين العلوم والسحر». و«وعى بأهمية السحر ليس كظاهرة خرافية غيبية فحسب، بل أيضا كعلم له قواعده ومسطرته الخاصة».
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 32 من مجلتكم «زمان»