ما يزال الاعتقاد بالسحر يسود في المجتمع المغربي في ارتباط مع المعتقد الإسلامي، بل إنه لا يتم تمييزه عن الدين في أحيان كثيرة.
يدل التاريخ الثقافي للبشرية على أن السحر هو أقدم مقاربة بشرية لفهم الوجود والكون، ويعد من أكثر الظواهر الإنسانية إثارة للريبة والتساؤل. فالتمثلات حوله لا متناهية وهي مرتبطة في مجملها بالغموض وبقوى خفية، لا يدركها الحس المباشر. قوى ذات أثر سحري، سحري لأنه خارج عن العادة وعن المألوف وعما في استطاعة الناس ومتناولهم كبشر. ارتبط لقب الساحر أو الساحرة بانطباع سلبي منذ الوهلة الأولى، إذ لا أحد يجاهر باحترافه أو امتهانه السحر، كما أن العثور على فضاءات يتم فيها ممارسة السحر بشكل علني وسافر أمر صعب للغاية. إنه ظاهرة ارتبطت ممارستها بالسرية إلى حد ما، وبالتواري خلف أغراض أخرى كزيارة الأضرحة أو العلاج بالصرع أو قراءة الطالع إلى غير ذلك، فالساحر ترتسم صورته في أذهان الناس على شاكلة ذلك الإنسان الذي يملك أسرار عالم آخر لا يلجه أي كان، إنه حلقة الوصل بين العالم المحسوس الذي ندركه جميعا وآخر مفترض يسكن لا وعي الناس، ويوحي لهم بمجموعة من المعتقدات والطقوس. ابتدع حقل السحر وسائل تواصلية خاصة به ضمنت استمراره، لعل أكثرها انتشارا هي طريقة الدعاية من “فم لأذن” على حد تعبير مارسيل موس، وهذا لا يعني أنه لا يستفيد من وسائل التواصل الحديثة. على العكس من ذلك، فهو قد ضمن له مكانا ضمن شبكة الأنترنت، وصار له رواد وزبناء عبر هذا الفضاء التواصلي والدعائي.
سعيدة الكامل
تتمة المقال تجدونها في العدد 32 من مجلتكم «زمان»