ترك المفكر الأندلسي والطبيب المقرب من السلطان الموحدي أبو يعقوب يوسف للعالم روايته الشهيرة “حي بن يقظان”، وهي تحفة فلسفية ألهمت فلاسفة الأنوار والمفكرين الكبار. “زمان “تعود بكم إلى سيرة مفكر استثنائي كاد النسيان والإهمال يطالان أعماله المميزة.
«بصرف النظر عن القرآن ومؤلف ألف ليلة وليلة، ربما لم تقرأ أوربا نصًا عربيًا بهاته الكثافة والشغف». بهذه الكلمات يتحدث عالم القرون الوسطى وأستاذ الفلسفة العربية بجامعة السوربون جان بابتيست بريني عن “حي بن يقظان“، التي كتبها هذا المفكر الأندلسي من القرن الثاني عشر .وقد نُشر الكتاب في فرنسا بعنوان “روبنسون دي جواديكس“ في أوائل عام .2020
سؤال: لماذا اختار بريني لقب روبنسون لتعيين فيلسوفنا؟ السبب، عليك أن تبحث عنه في عمله الرئيس “حي ابن يقظان” (العمل الوحيد الذي وصل إلينا) والذي ألهم الكتاب الأكثر مبيعًا في اللغة الإنجليزية ألا وهو روبنسون كريزووي، الذي نُشر عام ،1719 وتم تكييفه منذ ذلك الحين بجميع أشكاله (أفلام، مسلسلات، رسوم متحركة، مسرحيات). رواية مغامرات لم يشر مؤلفها دانيال ديفو أبدًا إلى ابن طفيل. نوع من الظلم التاريخي الذي حاول برينيه تصحيحه مع “روبنسون دي جواديكس“.
نعلم أن دانيال ديفو كان يعرف نص ابن طفيل. نُشر روبنسون كريزووي في إنجلترا عام .1719 وتزامن ذلك بأعجوبة مع عودة ظهور كتاب ابن طفيل الذي كان قد نسي منذ فترة طويلة، لكن ترجمته الإنجليزية الأولى تمت في عام 1708 في لندن .لذلك من الواضح أن ديفو قرأ النص ونسخ ابن طفيل. «ومن هنا جاء مشروع روبنسون الأندلسي الخاص بي»، كما يعترف جان بابتيست بريني، الذي يعمل حاليًا على ترجمة فرنسية جديدة لـ“حي بن يقظان“.
وإذا استمرت دراسة أعمال ابن طفيل وترجمتها وإعادة نشرها ومناقشتها في الغرب، في المغرب، حيث عاش حتى نهاية أيامه، فقد دخل الفيلسوف في طي النسيان. من المسلم به أن جامعة القنيطرة تحمل اسمه، بالإضافة إلى عدد قليل من الشوارع أو المدارس الثانوية أو الكليات هنا وهناك …ولكن هذا كل ما تبقى من هذا المفكر تحت سمائنا: اسم نربط به ماض بعيد وغامض. وغير معروف لمعظم الناس.
المهدي مشبال
تتمة المقال تجدونها في العدد 105 من مجلتكم «زمان»