قد يعتقد البعض أن الشرفاء ظاهرة اجتماعية حديثة العهد بالمغرب. هذا خطأ. الشرفاء ظاهرة قديمة وعريقة تندمج مع تاريخ المملكة منذ حلول الإسلام. أثرت بشكل كبير على البنية الاجتماعية والثقافية. وأسست الهرم الديني والسياسي. وهو الهرم ذاته الذي يسَيّر المغرب، دولةَ ومجتمعا، إلى يومنا هذا. مكانهم مركزي. ونفوذهم ثابت. حتى لو لم يكونوا دائمًا في قلب السلطة، فقد كانوا دائمًا الاستثناء الذي يُضرب له ألف حساب. أحفاد نبي الإسلام وفروعهم المتعددة، التي يبلغ عددها اليوم الملايين المنتشرة حول العالم، لها تاريخ خاص في المغرب. حيث يرتبط العامل الديني ارتباطًا وثيقًا بالسياسة. هذه الظاهرة وأصولها ومعناها وأهميتها، عنوان ملف هذا العدد. زمان ترصد وتحلل وتناقش وتعطي الكلمة للباحثين والمتخصصين، لتقربكم أكثر من أصول هذه الظاهرة التي بني عليها تاريخ المملكة منذ حلول دولة الشرفاء الأدارسة. قراءة ممتعة.
عرف المغرب هجرات عدة لفروع الشرفاء، خاصة الحسنيين والحسينيين، إبان فترات زمنية مختلفة خلال العصر الوسيط. وإذا كان هؤلاء حظوا بمكانة رمزية وسياسية خلال الحقبة الإدريسية، فإن مكانتهم السياسية، بعدها، ظلت خاملة طوال قرون، إلى أن بزغت من جديد في مدينة سبتة منتصف القرن 13 بدعم من العزفيين. حيث أضحى الشرفاء يتمتعون بنفوذ معنوي له وزنه في الحياة السياسية للمدينة. ما لبثت مكانة الشرفاء أن أخذت في الانتشار في المغرب بإيعاز من المرينيين حديثي الوصول إلى السلطة، وهم الذين كانوا يبحثون عن الشرعية عبر قنوات مختلفة، فوجدوا في الأشراف واحدة من أكثرها أهمية للحصول على مساندتهم في صراعهم الخارجي ضد بني عبد الواد، والاستقلال عن الحفصيين، وصراعهم الداخلي بتحصين الدولة ضد أشكال المعارضة ذات المنطلقات الدينية بالحد من مفعول تيار مهدوية الموحدين وردعه بسبب ما كان لأنصار هذا التيار من اعتزاز بشرف ابن تومرت المنحدر من سلالة إدريس. وكذا بقطع الطريق على الصوفية معارضي النظام القائم الذين كان نفوذهم آخذا في التصاعد، ومزاحمتهم، وإضعاف نفوذهم بشكل أو بآخر، لاسيما أن محبة الرسول وأهل بيته كانت تعتبر ركنا من أركان التصوف الشعبي. إضافة إلى استثمار علاقتهم بالشرفاء لمحاولة ربط الصلة بينهم وبين المجتمع الحضري في فاس خاصة، الذي كان يكن احتراما كبيرا للشرفاء.
هيئة التحرير
تتمة المقال تجدونها في العدد 80 من مجلتكم «زمان»