من أمير منفي تحول الحسن الثاني إلى أحد أكثر الملوك العلويين تأُثيرا وتعميرا في الحكم. نجح في الحفاظ على استمرار ملكه في مواجهة أعنف محاولات إسقاطه، ليس فقط بالقمع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بل أيضا بدولة عصرية وإيديولوجيا تقليدية جعلهما في خدمته طيلة 38 سنة.
كادت الحماية الفرنسية تجعل الأمير الحسن مجرد لاجئ في بلاد أجنبية بعيدا عن الأرض التي حكمها أجداده، حين نفي رفقة والده وأفراد عائلته إلى كورسيكا ثم مدغشقر سنة1953، لولا أنه استطاع أن يحفر اسمه ضمن قائمة أكثر ملوك المغرب تعميرا في الحكم، بفضل الحماية الفرنسية بالذات. فقد شاءت الصدف أن تنشأ قوة الملكية المغربية على عهد الحسن الثاني عن إرث الحماية. لعل ذلك كان أول تجليات “البركة”، ذلك النصيب الوافر من الحظ الذي رافق الحسن الثاني على مدى 38 سنة حكم خلالها المغرب حكما مطلقا.
في معرض استرجاعه لمسار تطور المخزن ووظيفة السلطان وسطه، ينبه عبد لله العروي، المؤرخ المغربي، إلى أن الملكية ورثت عن الحماية وضعا جديدا غير مسبوق في تاريخ البلاد، إذ لأول مرة يتأتى للملك الجمع الفعلي بين وظيفة “الإمامة” التي تنحصر أحيانا إلى مجرد سلطة رمزية على المناطق والقبائل الثائرة، ووظيفة الإمارة بما تعنيه من بسط فعلي للسلطة على جميع مناطق وفئات البلاد. في مؤلفه “من ديوان السياسة” يذكر العروي أن سلطان المغرب حاول قبل الحماية أن يقوي دوره كسلطان بتجديد الجيش والإدارة لكنه فشل، فانتهى الأمر بوضعه تحت حماية أجنبية.
إسماعيل بلاوعلي
تتمة المقال تجدونها في العدد 6 من مجلتكم «زمان»