ارتبط المغرب، منذ القديم، بالزراعة، ووصفه البعض بـ”خزان روما للحبوب”. فيما يلي محطات عرفتها الزراعة من العصر القديم إلى الآن مرورا بالحماية.
العصر القديم، خصوبة أسطورية
إذا كان المغرب قد عرف حضارات قديمة، فإن ذلك ليس لمواقعه الأسطورية مثل كهوف هرقل أو حديقة هيسبيريس فقط، بل أيضا لأن أراضيه كانت، بالفعل، من أكثر الأراضي خصوبة في المنطقة.
كان الفينيقيون ثم القرطاجيون، بالتأكيد، أول “الغرباء” الذين وقفوا على حقيقة الأمر. منذ القرن العاشر قبل الميلاد، أقام الفينيقيون بعض المراكز التجارية على سواحل البحر المتوسط والأطلسي. وكانوا يقايضون سلعهم بمنتجات محلية مثل العاج، النبيذ ومختلف جلود الحيوانات. بعد بضعة قرون، حكى المستكشف القرطاجي حانون بعد رحلته، التي قام بها على واجهة ساحل المحيط الأطلسي في المغرب، أن هذه الأراضي تزخر بالحبوب وكروم العنب وأشجار الزيتون والخضروات والعسل. تحت الوجود الروماني، عُرفت موريطانيا الطنجية، بأحد أنواع الصدفات التي كانت تستعمل لإنتاج اللون الأرجواني. أصبح هذا اللون الأكثر شعبية في العصور القديمة، إذ كان لون أزياء الأباطرة والشخصيات الأكثر نفوذا وقتئذ. في وقت لاحق، تميز المغرب وحتى الفترة المعاصرة، بإنتاج الزيتون ومعاصر الزيت، كما هو موجود في أغلب مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط المعروف بمناخه المعتدل والمناسب لزراعة الزيتون. وفي سهول المحيط الأطلسي، ازدهرت الحبوب، خاصة القمح.
الحماية، التحديث بسرعتين
تمحور موضوع المشروع الكولونيالي، في الأصل، حول سؤال الأرض واستغلالها. فحينما بسطت فرنسا حمايتها سنة 1912، كانت الزراعة تعتمد على المناخ أكثر من الإنسان، لكن السلطة الجديدة أدركت أن قيمة الأرض في الزراعة. وبالتالي، كان من الطبيعي أن تنصب الجهود الاقتصادية للحماية حول ما يتعلق بالزراعة. ومن أجل تجاوز مشكل المياه، قام الفرنسيون ببناء السدود بالرغم من أن معظمها كان مخصصا لإنتاج الطاقة.
في سهول الشاوية ودكالة، ومنذ قرون غابرة، كانت الجهود تنصب حول تخزين محاصيل الحبوب، بما يوفر الاكتفاء أيضا لحاجيات القطب المحادي، أي المدينة. فمن أصل 14 مليون قنطار من القمح والشعير المنتج في سنة 1931، كان يتم تصدير 4 ملايين طن إلى فرنسا. ومع حلول الحرب العالمية الثانية، أصبح جزء من المحصول باهظا مع ارتفاع الطلب عليه في المدينة. ورغم أن الفلاحة المغربية عرفت تحديثا على مدى 44 سنة من الحماية، إلا أن الفلاح المغربي لم يستفد منها بشكل مباشر. هنا تحضر عبارة “المغرب النافع وغير النافع” وتعكس حقيقة اقتصادية أكثر منها جغرافية. فوفقا للإحصاءات الرسمية لسنة 1956، سنة استقلال المغرب، فإن 55 في المائة من إجمالي الأراضي الفلاحية لم يتم استغلالها، بل حتى بعد الاستقلال ظل الأمر ساريا.
تتمة الملف تجدونها في العدد 66 من مجلتكم «زمان»