لم تكن النمسا، في زمن ما، تعترف بحدودها الصغيرة حاليا، بل كانت تسيطر، انطلاقا من عاصمتها فيينا باعتبارها مقرا جديدا للإمبراطورية الرومانية المقدسة، على مجالات واسعة تمتد حتى شمال حوض البحر الأبيض المتوسط.
كانت تملك أسطولا بحريا، تجاريا وعسكريا، سمح لها بمراقبة الحوض المتوسطي، وفرض احترامها على القوى الأخرى المطلة على البحر أيضا.
لم يخرج المغرب عن “الجماعة”، وبادر إلى التوقيع مع هذه القوة الأوربية الكبرى الجديدة، يوم 25 أبريل 1783، على معاهدة “السلم والصداقة”. تنص المعاهدة، التي وقعها عن الجانب المغربي باشا طنجة محمد بن عبد الملك داخل القصر الإمبراطوري في فيينا، على حرية سفن البلدين في الإبحار، وتحرير الصادرات والواردات، والتخفيض من الرسوم الجمركية.
أدخلت تلك المعاهدة المغرب على عهد السلطان محمد الثالث إلى دائرة القوى الكبرى التي بدت ملامحها تتشكل في المتوسط.
تم تجديد المعاهدة بعد 20 سنة، على عهد السلطانين مولاي سليمان والإمبراطور الفرنسي فرانسوا الثاني. غير أن الكثير من الرياح هبت بعد بروز نابليون بونبارت في عهد الجمهورية الفرنسية الأولى، الذي قاد حملات عسكرية في اتجاه الشرق وحقق انتصارات متتالية.
في تلك الأثناء، عادت النمسا إلى حدودها الطبيعية، فيما راكم المغرب، مع بداية القرن التاسع عشر، مشاكل كان لها، من بَعد، ما تلاها.
أي نتيجة
View All Result