في هذا الحوار، يرجع شوقي الهامل، أستاذ التاريخ في جامعة أريزونا ومؤلف كتاب “المغرب الأسود” حول العبودية، إلى الأسس التاريخية للعنصرية بالمغرب التي ما تزال تطرح العديد من الأسئلة حتى يومنا هذا.
هل يمكن الحديث عن تاريخ للأعراق والعنصرية في المغرب؟
من الصعب تطبيق المفاهيم الغربية لمسألة “العرق” في سياق التاريخ المغربي. كلمة “العرق” في الأدب العربي المعاصر تعني أصلا “الجذر “. تم استخدام كلمة “عرق” بشكل عام لإبراز جذر الانحدار ولكن ليس بالضرورة قرابة الانحدار نفسه. لكن مع ذلك، تظل الصورة الجماعية للسكان السود هي صورة “الآخر” والأقلية ذات اللون الذي طالما ارتبط بإرث العبودية.
كما أن ثقافة الصمت والخطاب العقائدي وتعاليم المالكية أدى إلى طمس قضية الأعراق والعنصرية، ومنع بذلك تطور المصطلحات والأدوات المفاهيمية وطرق التحليل لمعالجة قضايا العرق والعنصرية. إن العنصرية في الواقع، هي تجربة حقيقية يعيشها الأشخاص الذين عانوا من هذا العنف في تاريخ المغرب. وقد أظهرت الهجرة الأخيرة للقادمين من جنوب الصحراء الكبرى مدى جذور المواقف العنصرية في الثقافة المغربية.
إذن ما هي الأسس التاريخية للعنصرية ضد السود في المغرب، وكيف ظهرت على مر العصور؟
لا يمكن النظر إلى تاريخ الرق والعنصرية في المغرب بمعزل عن الإرهاب العرقي والممارسات البشعة في حق الرقيق. فبالنسبة للمجموعات الإثنية مثل السود في المغرب، فإن مشاكل العبودية والتحيز الثقافي والعرقي والتهميش، ليست أجنبية ولا أدخلها الخطاب الاستعماري الأوروبي؛ فقد تم تهميش السود في المغرب لقرون بسبب الثقافة السائدة التي عرّفت هذه المجموعة المهمشة بأنهم عبيد، أو حراطين (وهو مصطلح إشكالي يعني من خلاله أن السود الأحرار أو المحررين أو المستعبدين سابقا). لذا نجد السودان (السود الأفارقة) أو گناوة (سود من غرب إفريقيا) أو صحراوة (من منطقة جنوب الصحراء الكبرى).. أو مصطلحات أخرى تشير إلى أنهم كانوا من السود و(أو) أحفاد العبيد.
كيف تمكن المغاربة من التوفيق بين الانتماء إلى دين يدّعي المساواة وبين الممارسة والنظرة التمييزية؟
لا يوجد في القرآن ولا في الحديث أي ذكر لأي تمييز عرقي بين الرجال. العنصرية ليست جزءا من الإسلام. غالباً ما يحدد القرآن كيف أن جميع الشعوب متساوون أمام لله. لكن “أخلاق الدين” تكونت بناء على الذين فسروا النصوص التأسيسية الأولى للإسلام. إذ أن العلماء البارزون الذين أنتجوا المعرفة السياسية لتشكيل الرأي العام، صاغوا تفسيرا وشكلا محددا من الإسلام يتماشى مع ثيوقراطية “الفتح العربي”. لقد تم التلاعب بالإسلام منذ القرن الأول سياسيا لخدمة المصالح المادية في مواقف معينة. وبعبارة أخرى، فإن العوامل الاجتماعية الاقتصادية والسياسية لها الأسبقية على تعاليم القرآن.
حاوره أمين الجزولي
تتمة المقال تجدونها في العدد 81 من مجلتكم «زمان»