يعتبر عبد المجيد قدوري نفسه أحد المنتميين إلى مدرسة عبد الله العروي، أحد أبرز المؤرخين المغاربة حاليا، له إسهامات لا تحصى في مجال البحث التاريخي في المغرب، ويصر دائما على ضرورة الإلمام بالتاريخ لبناء المستقبل. وقد اشتهر القدوري بنظرية “التجاوز”. في هذا الحوار الذي خص به مجلة “زمان”، يقدم القدوري وجهة نظر المثقف في عدد من القضايا التاريخية والفكرية والسياسية، نتناول معه أهمية الوعي التاريخي وأسباب التأخر الفكري في المغرب، وكذا قضايا الهوية وغيرها من الإشكالات سواء تلك الممتدة في الزمن أو الراهنة.
أول سؤال يتبادر إلى الذهن من دون شك هو سر اختيارك للتاريخ؟ ما الذي شدك للاهتمام به لتصبح اليوم مؤرخا له إسهامات وأبحاث علمية تمتد على عقود من الزمن؟
دعوني بداية أن أشير إلى أنني أعتبر نفسي باحثا في التاريخ، ولا أجرؤ على أن أقول إنني مؤرخ، فأنا أتعلم مما أقرأ ومما أكتشف، وكلما تقدمت في البحث أدركت أن معرفتي ما زالت قليلة.
في المراحل الأولى من الحياة والتكوين لا يكون هناك تأطير موجه. فيبقى الباحث، بالتالي، يتخبط خبط عشواء. ويحدث أحيانا أن يضيع الوقت في أشياء قد لا تكون لها فائدة كبيرة بالنسبة للبحث التاريخي.
لكنني أعتقد أن التاريخ هي مادة أساسية لأنها تساهم في تكوين الإنسان وتمكنه من اكتشاف شخصية وطنه التاريخية. وتساعد على اعطاء الوعي التاريخي الذي ينقص الفرد و الجماعة، فغياب الوعي التاريخي يدخلنا في التخبط ويجعل الرؤية معدومة.
ما الذي تقصده بالوعي التاريخي؟
عندما أدرس التاريخ لا تهمني الأحداث والأشخاص بقدر ما يهمني منطق الأحداث ومنطق الأشخاص. فالباحث عليه أن يجري وراء منطق الأحداث وليس الأحداث في حد ذاتها. لأن الأحداث كانت دائما موجودة منذ أن وجد الكون. وهنا تكمن أهمية التاريخ لأنه هو الذي يكتشف ويستخرج هذه الأحداث ويقوم بالبناء ويعطيها قيمة ومعنى معينا.
المشكلة عند مجموعة من المؤرخين أنهم يريدون دراسة التاريخ والبقاء في التاريخ. أي دراسة الماضي وعدم الخروج منه في حين أن دراسة الماضي تقتضي الإلمام والدراية بالأزمنة التاريخية، وأقصد الزمن العام والزمن الخاص. نحن ندرس الماضي لفهم الحاضر الذي نعيش فيه والتنبؤ بالمستقبل إذا أمكن لتتكون لدينا رؤية حتى لا تسيرنا أحداث الماضي في الحاضر والمستقبل. المهم أن نفهم كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه وكيف نحدد مسار ما نرغب في الوصول إليه.
نفهم من كلامك أن العمل التأريخي في المغرب لم ينجح إلى حد الآن في المساعدة على بناء المستقبل؟
لا يمكن التعميم، هناك أجيال بالنسبة للكتابة التاريخية، كل جيل لعب دورا معينا يتناسب مع خصوصية المرحلة ومع ضروراتها.
حاوره المعطي منجب وعماد استيتو
تتمة الملف تجدونها في العدد 61 من مجلتكم «زمان»