عرفت صناعة السكر، في زمن السعديين، ازدهارا غير مسبوق، غير أن بعض الفقهاء أصدروا فتاوى تحرم تناوله، مما أدى إلى انهيار هذه الصناعة.
حضر السكر، منذ قرون، في حياة المغاربة، وأضحى روتينا يوميا لا يغيب عن موائدهم، كما هو الحال في العديد من دول العالم، بل إنه تحول لقيمة رمزية وتاريخية، حملت معها عددا من الدلالات الاجتماعية والنفسية المشكلة للذهنية المغربية، وأغنت الذاكرة والوجدان والثقافة والتراث. فكيف كان اكتشاف السكر بالعالم؟ وهل عرف المغاربة السكر قديما قبل عصر السعديين؟ وكيف كان دخول هذه المادة إلى المغرب لأول مرة؟ وكيف اعتنى السعديون خصوصا بالسكر استيرادا وصناعة وتصديرا؟ ولِم حرم بعض الفقهاء السكر واعتبروا تناوله محظورا؟
لا يعرف من خلال الآثار والأدلة الأركيولوجية متى بدأت زراعة قصب السكر في العالم، وإن كان الغالب أنها بدأت قبل عشر آلاف سنة بالجزر الواقعة بين أستراليا وآسيا بالمحيط الهادي، والمعروفة بـ“غينيا الجديدة“، حيث وجد النوع المدجن من قصب السكر في مجموعات أشجار كثيفة، وقد كان البشر بهذه المنطقة دجنوا عددا من النباتات المحلية إضافة إلى قصب السكر، كالقلقاس والموز والبطاطا وفاكهة الخبز. ثم انتقلت زراعة قصب السكر من هذه البلاد عبر المحيط الهادي نحو الجزر المجاورة، وغربا نحو آسيا خصوصا أندونيسيا والفلبين وشمال الهند، وكان إلى ذلك الوقت لا يستخدم بوصفه حلوى مسكرة، إذ لم تنطلق البشرية في عصر القصب لإنتاج السكر إلا قبل 3000 سنة في الهند. وبقي الهنود لوقت طويل يتكتمون على أخبار تجارة السكر، ويتعاملون مع الموضوع بحذر، وهو ما جعلهم يجنون أرباحا طائلة، بواسطة التجارة عبر شبه القارة الهندية.
محمد عبد الوهاب رفيقي
تتمة المقال تجدونها في العدد 112 من مجلتكم «زمان»