نال الأولياء، في مغرب العصر الوسيط، وضعا مميزا، اعتقادا من المجتمع أنهم يحظون بمكانة خاصة عند الله، في الوقت الذي سعت السلطة إلى استقطابهم.
ظي الأولياء بمكانة معتبرة في المجتمع المغربي خلال العصر الوسيط، خاصة بعدما بدأ التصوف يتغلغل في المجتمع ابتداء من القرن 5 هـ/11 م، وأسهم في هذه المكانة المعتقد الشعبي الذي آمن، نتيجة ظروفه التاريخية، بأفكار ترجع إلى ظاهرة الخوف بأصنافه؛ فالخوف من السلطة، ومن الجوع الناجم عن تذبذب الأحوال والظواهر الطبيعية، ومن الأمراض… وَلَّدَ لدى الكثير من أفراد المجتمع فكرة الإيمان بكرامات الأولياء، التي أسهمت الإشاعة في ذيوعها واستبطانها، ومن ثم تقوية سطوة الولي وهيبته وبسطها .لهذا، يصعب تجاهل دور الكرامة في تزكية مكانة الأولياء، وما ترتب عنها من مظاهر، بما أن التصور المناقبي شكل عنصرا من العناصر الأساسية التي هيكلت الذاكرة الجماعية.
وبالإضافة إلى المعتقد الشعبي في علاقته بكرامات الأولياء، اكتسب هؤلاء مكانة اجتماعية متميزة بالنظر إلى سلوكهم الورع، وابتعادهم عن الدنيا وملذاتها، ورفضهم تزكية العديد من سياسات السلط القائمة ومعارضتهم لها، ولا سيما الجبائية منها مما زاد من توسيع شعبيتهم، وترسيخ مكانتهم الاجتماعية. فوجد المستضعفون والمغلوبون على أمرهم في الأولياء ملاذا له اعتباره عند المخزن. وبذلك كانوا يتدخلون لضمان العدل بين الناس والحد من أشكال التعدي، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. وقد كان لهذه المكانة بمختلف أسسها مظاهر عدة سواء في المجتمع أو لدى السلطة، وهو ما سنسعى إلى بسط الحديث عنه.
محمد ياسر الهلالي
تتمة المقال تجدونها في العدد 97 من مجلتكم «زمان»