اعتمد المغرب وتونس، في علاقتهما الثنائية منذ استقلالهما معا، دبلوماسية قائمة على الاعتدال والتوافق، رغم بعض الأزمات التي كان يتم تصريفها إعلاميا في حدود اللياقة وحسن السلوك.
الغالب حين الحديث عن العلاقات المغربية التونسية الإشادة بمستواها الرفيع ومتانتها وروح التفاهم والتوافق في المواقف في شأن سائر القضايا الثنائية والإقليمية والعربية والإسلامية والدولية .والحال أن الدولتين وقد استقلا في الآن نفسه، ووجب عليهما التصدي سويا للإكراهات نفسها، والسير قدما في مسارات تبغي الاستقلال بالكامل وتحقيق النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي والاستقرارين السياسي والاجتماعي، عملا منذ البدايات على التأسيس لعلاقات ثنائية تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة، وتنشد شد الصفوف ليشكلا معا سدا ضد منابع الهيمنة الخارجية والتوتر الاجتماعي، بدءا من التسرب الشيوعي، ثم المد الناصري والبعثي، ولاحقا الحماس الثوري الجزائري والتأثير الليبي زمن حكم العقيد القدافي، وفي وقت قريب الشعبوية الإسلاموية. ونقف في مذكرات الفاعلين السياسيين التونسيين والمغاربة ما يدل على فهمهم للتحديات الكبرى التي تتهدد البلدين، وتستوجب منهم الاصطفاف في صف واحد.
هل يعني هذا حصول توافق واتفاق في كل الأمور؟ بالطبع لا .لقد تخللت مسارات العلاقات بين البلدين أزمات عديدة، ربما أكثرها حدة الجفاء الذي ساد إثر اعتراف تونس بالجمهورية الموريتانية، ولكنها في الغالب لم تؤثر على عمق الصلات، واعتبرت حينها وبعدها مجرد سحابات عابرة.
ظل هم المسؤولين في البلدين هو احتضان التوتر وتصريفه إعلاميا في حدود اللياقة وحسن السلوك، وهما خاصيتان ما تزال الدبلوماسيتان، المغربية والتونسية، تحرصان على الالتزام بهما بالنظر لعراقة البلدين، وكذلك لتأسيسهما لسيرتيهما العربية والدولية على مبدأ الاعتدال والنأي عن المزايدات الديماغوجية.
محمد حاتمي
تتمة المقال تجدونها في العدد 108 من مجلتكم «زمان»