تفيد مجموعة من الدراسات أن تجنيد مغاربة في صفوف قوات فرانكو لم يكن أن يتم لولا صمت أو تواطؤ وطنيي المنطقة الخليفية في الشمال. عودة إلى موضوع ما يزال يسيل الكثير من المداد.
تعد مسألة تجنيد ومشاركة المغاربة في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، من المواضيع التي أسالت مداد العديد من الكتاب والمؤرخين، حيث اعتبرها العديد من الأبحاث الجامعية والأكاديمية والدراسات التاريخية والسوسيولوجية أبشع استغلال للسلطات الاستعمارية الاسبانية للإنسان المغربي، الذي أقحم في مشروع انقلابي خدم نخبة عسكرية إسبانية، لا ناقة له فيه ولا جمل. كما كشفت الدراسات الجامعية، التي أجريت مؤخرا بإسبانيا، عن المزيد من الحقائق والأسرار المرتبطة بهذا الملف الشائك.
الصمت مقابل امتيازات
يعتبر كتاب “يوميات، شهادة 17 يوليوز، الملحمة الإفريقية” الصادر خلال الحرب الأهلية ، الرواية الإسبانية الرسمية، التي أرخت لبعض من تفاصيل الانقلاب العسكري، وكذلك لعملية انضمام المغاربة له، والأضرار التي لحقت أرواحهم وممتلكاتهم وكرامتهم…
لقد تم استقاء شهادات حية من فعاليات إسبانية عايشت المرحلة وما تزال على قيد الحياة، إضافة إلى استجماع معلومات ومعطيات تاريخية حول تلك المرحلة، وتحليلها بشكل علمي دقيق، مع تقديم تفسيرات لقضية تحالف أو (تواطؤ) النخبة المثقفة والحركة الوطنية بشمال المغرب مع فرانسيسكو فرانكو باهامونتي الملقب بـ”الكاوديو” أو “القائد”، في عملية تجنيد المغاربة لمحاربة التحالف الجمهوري. فهناك من تحدث عن وجود صفقة سرية بين قيادة الحركة الوطنية بشمال المغرب والجنرال فرانكو، كما جاء في أطروحة عبد المجيد بن جلون، الذي أشار إلى وجود اتفاق سري، تم بموجبه عدم اعتراض الوطنيين المغاربة على تجنيد المتطوعين في المنطقة، مقابل الحصول على حقوق مدنية وسياسية، كالسماح بتأسيس الأحزاب والجمعيات وإحداث المدارس التعليمية وخلق المنابر الصحفية. وهناك من اعتبر أن الوطنيين كانوا مغلوبين على أمرهم، رغم الموقف المعارض الذي أبداه في بداية عملية التجنيد زعيم حزب الإصلاح الوطني عبد الخالق الطريس، وكان على وشك أن يقدم للمحكمة العسكرية، لأن الانقلابيين الإسبان تخوفوا بعد تصريح الطريس من رد فعل قوي للمغاربة بالمنطقة الخليفية، ومن حدوث ثورة عارمة ضدهم، كما أشار إلى ذلك الصحافي البلجيكي جان وولف في مؤلفه “ملحمة الطريس”. ولولا تدخل المقيم العام الإسباني بتطوان بيكبيدر ومندوب الشؤون الأهلية وقتئذ، لتفاقمت المسألة أكثر. وهو الذي اقترح على الوطنيين المغاربة غض الطرف عن عملية التجنيد مقابل منحهم امتيازات مختلفة والاستجابة لمطالبهم، التي ترددت الحكومات الجمهورية في تلبيتها.
محمد طارق حيون
تتمة الملف تجدونها في العدد 61 من مجلتكم «زمان»