قبل 60 عاما بالضبط، خاض المغرب والجزائر حربا كانت بمثابة الإشارة إلى تفكك أواصر الصداقة “القوية” التي بدا أنها تربط بين الدولتين .سميت تلك المواجهة الخاطفة بـ”حرب الرمال”، لكن ما تزال الرمال متحركة إلى اليوم .
غداة استقلال الجزائر، عادت مسألة هوية البلاد بقوة، وما تم وضعه تحت المكيال، أو تم دفنه، طفا على السطح من جديد، وأدى إلى تأجيج المشاعر، ثم انتهى باغتيال المناضل القبايلي عبان رمضان في المغرب، وبإعدام الناشط الأمازيغي، واعلي بناي، الذي ينقل عنه رفيقه في الكفاح ضد المستعمر علي يحيى عبد النور قوله: «نحن نحمل خمسة آلاف سنة من التاريخ. أن تكون حرًا من أي غازٍ، وأن يكون لك الحق في عدم الخضوع للاستعمار، أو الخضوع لهيمنة أي شخص، تلك هي رسالة يوغرطة». فهل كانت الجزائر وفية لتاريخها وجغرافيتها؟ أم أصبحت متمسكة بالإيديولوجية القومية العربية، متنكرة لجغرافيتها وثقافتها؟
في تلك الأثناء، أسس حسين أيت أحمد حزب “جبهة القوى الاشتراكية“ في عام 1963 لمقاومة الانجراف العربي–الإسلامي. وصاح العقيد سليمان دهيليس المعروف باسم سي الصادق، بصوت عالٍ أمام قواته: «ليس بيننا فرعون، ليس بيننا رمسيس الثاني، ليس هناك جمال عبد الناصر، هنا الشعب». لكن ذلك تم دون احتساب تيار وجدة بشخصيتيه الكبيرتين، أحمد بن بلة وهواري بومدين، اللذين اتهما حسين أيت أحمد بالبربرية والانفصالية والخيانة. رغم أن الرجل أعلن، بوضوح، عن البعد الوطني للحزب، لكنهما أرادا تشويه سمعة أيت أحمد. وفي غضون ذلك، تم اعتقال محمد بوضياف من قبل السلطات الجزائرية. ثم ذهب بن بلة إلى أبعد من ذلك، حين اتهم أيت أحمد بالتواطؤ مع المغرب، بل زعم أن تمرد القبايل يحظى بدعم الملك الحسن الثاني. غير أن الرباط ردت، عبر مدير الديوان الملكي ووزير الداخلية، أحمد رضا كديرة، باستدعاء القائم بالأعمال الجزائري بالرباط للتعبير عن استغراب الحكومة المغربية من اتهامات بن بلة، نافية أي تواطؤ مع زعيم جبهة القوى الاشتراكية.
حسن أوريد
تتمة المقال تجدونها في العدد 120 من مجلتكم «زمان»